مقالاتسلايدر

سامح المغازي يكتب: التاريخ المسروق.. كيف تلاشت أسورة ملكية لا تُقدَّر بثمن؟

في واحدة من أبشع وقائع النهب الثقافي التي تهز الضمير الإنساني، اختفت أسورة فرعونية نادرة عمرها أكثر من 3300 عام من بين جدران المتحف المصري، لتُمحى من ذاكرة التاريخ وتذوب في أفران الذهب، بعد أن كانت شاهدة على عظمة الحضارة المصرية القديمة.

القطعة الأثرية التي نُسبت إلى أحد ملوك الفراعنة، بلغ وزنها نحو 600 جرام من الذهب الخالص، وهي قيمة مادية تقدَّر بحوالي 3.5 مليون جنيه، لكن قيمتها التاريخية والإنسانية لا تُقدّر بثمن، إذ تصل في المزادات العالمية إلى ما يتجاوز 180 مليون دولار.

التحقيقات كشفت أن وراء الجريمة أخصائية ترميم بالمتحف، استغلت موقعها ووصولها للقطع الأثرية في عملية وصفت بـ”الفضيحة”. الأسورة بيعت أولًا إلى ورشة ذهب في الصاغة مقابل 180 ألف جنيه فقط، قبل أن يُعيد صاحب الورشة بيعها لعامل بمسبك ذهب مقابل 194 ألف جنيه، وهناك كانت النهاية الصادمة: العامل قام بصهر الأسورة وتحويلها إلى عدة غويشات تباع كأي مشغولات ذهبية عادية، لتتلاشى قطعة فريدة من التاريخ الإنساني إلى الأبد.

الكارثة لا تكمن في فقدان 600 جرام من الذهب، بل في ضياع شاهد تاريخي يحمل أسرار الحضارة المصرية القديمة. كيف تُسرق قطعة أثرية بهذه القيمة من داخل أعرق المتاحف في العالم؟ أين الرقابة؟ ومن يعيد إلينا ما سُرق من ذاكرة الإنسانية؟

ما حدث ليس مجرد سرقة، بل هو جريمة في حق الهوية والحضارة المصرية، تستدعي محاسبة صارمة لا تقتصر على الجناة المباشرين، بل تمتد إلى منظومة الحماية والرقابة داخل المتاحف. الدولة مطالَبة ليس فقط بتشديد العقوبات، بل بوضع آليات صارمة لحماية كنوز الأجداد، لأن كل قطعة تضيع هي جزء من تاريخ مصر والعالم يُمحى إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights