
بملامح يائسة ودموع منهمرة، ظهرت أم مصرية في مقطع فيديو مؤثر تستغيث بوزير التربية والتعليم أن يرفع الغياب عن أبنائها. كلماتها البسيطة اخترقت القلوب: «أنا أب وأم في نفس الوقت.. مش قادرة أوديهم المدرسة.. المصاريف أكبر مني ومش عارفين نعيش».
لم يكن الفيديو مجرد استغاثة فردية، بل مرآة لواقع آلاف الأسر التي أنهكتها تكاليف الحياة. ملابس وكتب وأدوات مدرسية، دروس خصوصية لا غنى عنها، علاج يومي، وإيجارات شقق تثقل الكاهل.. كل ذلك يجعل التعليم حلمًا بعيد المنال لدى البسطاء، في حين يُفترض أنه حق أصيل لكل طفل.
المفارقة المؤلمة أن وزير التربية والتعليم يتحدث عن خطط طموحة لتطوير العملية التعليمية، بينما هناك من يطلب فقط إعفاء أولاده من الغياب، لأنه عاجز حتى عن توفير المواصلات أو المصاريف اليومية للمدرسة. كيف يستقيم التطوير مع بطون خاوية وجيوب فارغة؟
التعاطف الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي مع الأم لم يكن عابرًا؛ بل كان تعبيرًا عن إحساس جمعي بأن “الحياة أصبحت فوق طاقة الجميع”، وأن التعليم الذي كان بوابة الأمل صار عبئًا ثقيلًا يهدد مستقبل آلاف الأطفال.
صرخة هذه الأم ليست مجرد قصة إنسانية، بل جرس إنذار يذكرنا بأن تطوير التعليم لن ينجح ما لم تُنظر أولًا إلى معاناة الناس، وأن أي إصلاح بلا عدالة اجتماعية سيظل ناقصًا، عاجزًا عن إنصاف الطبقات الكادحة التي تحلم فقط بأن يتعلم أبناؤها.
ويرى كثيرون أن الحل يكمن في تخفيف أعباء الحضور المدرسي على الأسر الأكثر احتياجًا، عبر تقليل عدد أيام الحضور إلى يومين أسبوعيًا، مع إلغاء أعمال السنة لأصحاب الظروف القهرية، شريطة تقديم ما يثبت ضعف الحالة الاقتصادية مثل مفردات راتب أو معاش، أو عقد إيجار مسكن، وغيرها من المستندات.