ليلة دامية في غزة.. انتشال جثامين 9 شهداء من تحت الأنقاض بحي الزيتون

كتب : منصور عبد المنعم
شهدت مدينة غزة ليلةً جديدة من الألم والدمار، بعدما أعلنت طواقم الدفاع المدني فجر اليوم عن انتشال جثامين تسعة شهداء، بينهم أطفال ونساء، من تحت أنقاض منازل دُمّرت إثر قصفٍ إسرائيليٍ مكثفٍ استهدف حي الزيتون جنوب المدينة، حيث كان العشرات من النازحين قد احتموا بمبانٍ قديمة هربًا من القتال الدائر في مناطق أخرى.
ووفقاً لشهود عيان، فإن القصف وقع قبيل منتصف الليل، مستهدفاً منطقة سكنية مكتظة بالمدنيين في شارع “الثلاثيني” بحي الزيتون، ما أدى إلى انهيار عدة منازل بشكل كامل واحتراق سيارات كانت متوقفة أمامها. وقال أحد سكان الحي: “لم يكن في المكان سوى العائلات النازحة، كنا نبحث عن مكان آمن لأطفالنا، وفجأة تحوّل الليل إلى نهار من شدة الانفجار.”
وأكدت فرق الإنقاذ أن عمليات البحث عن المفقودين استمرت طوال ساعات الليل وحتى صباح اليوم، وسط ظروفٍ إنسانيةٍ بالغة الصعوبة بسبب استمرار القصف في مناطق متفرقة من القطاع، وانقطاع التيار الكهربائي وشحّ الوقود اللازم لتشغيل آليات الرفع والبحث.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة إن طواقمه تعمل منذ مساء أمس على رفع الأنقاض والبحث عن ناجين، مضيفًا أن الدمار واسع جدًا وأن عدد الضحايا مرشح للارتفاع مع استمرار عمليات البحث. كما أشار إلى أن فرق الإنقاذ تعاني من نقصٍ حادٍ في المعدات الثقيلة ووسائل الحماية، بعد استهداف عدد من سيارات الإسعاف ومراكز الإغاثة خلال الأسابيع الماضية.
من جانبها، أوضحت وزارة الصحة الفلسطينية أن جثامين الشهداء التسعة وصلت إلى مجمع الشفاء الطبي، بينهم أربع نساء وثلاثة أطفال، بينما أصيب أكثر من عشرين شخصًا بجروح متفاوتة، بعضهم في حالة حرجة. وأكدت الوزارة أن الطواقم الطبية تعمل بأقصى طاقتها رغم النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، محذّرة من انهيار المنظومة الصحية بشكل كامل إذا استمر الحصار والقصف بنفس الوتيرة.
وفي بيان رسمي، نددت وزارة الصحة بما وصفته “جريمةً جديدة بحق المدنيين والنازحين”، مؤكدةً أن استهداف أماكن اللجوء والمنازل السكنية يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، داعيةً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها ووقف ما يجري من “إبادة ممنهجة بحق الشعب الفلسطيني”.
كما دانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان مقتضب ما وصفتها بـ”المأساة الإنسانية المستمرة في قطاع غزة”، مشيرةً إلى أن آلاف العائلات باتت بلا مأوى بعد تدمير منازلها، وأن وصول المساعدات أصبح أكثر صعوبة مع تواصل الغارات وإغلاق المعابر.
وفي الوقت ذاته، دعا المتحدث باسم الدفاع المدني المجتمع الدولي إلى إرسال فرق إنقاذ عاجلة ومعدات ثقيلة للمساعدة في رفع الأنقاض، مؤكدًا أن الكثير من الأحياء باتت “مقابر صامتة” تحت الركام. وأضاف: “ما يجري في غزة فاق كل تصور، المدنيون يُقتلون في أماكن لجوئهم، والمنازل تُهدم فوق رؤوس ساكنيها.”
تجدر الإشارة إلى أن حي الزيتون يُعد من أكثر أحياء غزة اكتظاظًا بالسكان، ويقطنه عشرات الآلاف من المواطنين، كثير منهم نزحوا من شمال القطاع في الأسابيع الماضية بعد اشتداد العمليات العسكرية. ويعاني الحي من انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه ونقصٍ كبيرٍ في المواد الغذائية والوقود.
وتأتي هذه المجزرة الجديدة ضمن سلسلة طويلة من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، والتي خلّفت منذ بداية التصعيد آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى دمارٍ هائلٍ في البنية التحتية والمنازل السكنية والمدارس والمستشفيات.
وفي ختام بيانه، دعا الدفاع المدني إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح ممراتٍ إنسانيةٍ آمنة لإدخال المساعدات وعمليات الإغاثة، مؤكدًا أن الوضع في غزة بات لا يُحتمل، وأن المدنيين يدفعون الثمن الأكبر في حربٍ لا تُبقي ولا تذر.