مقالاتسلايدر

أكمل النشار يكتب.. حريق سنترال رمسيس.. كارثة فضحت مدى هشاشة البنية التحتية وتتطلب محاسبة وزير الإتصالات فوراً

شهدت مدينة القاهرة أمس الإثنين كارثة كبيرة هزت أركان البنية التحتية للاتصالات في مصر، حيث اندلع حريق هائل في سنترال رمسيس والذي يعتبر أحد أهم المراكز الحيوية لخدمات الاتصالات والإنترنت في البلاد،مما تسبب في انقطاع جزئي للخدمات في مناطق واسعة من القاهرة والجيزة، وامتد تأثيره ليشمل خدمات الطوارئ وحجز تذاكر السكة الحديد وحتى المعاملات المصرفية الإلكترونية.

هذا الحادث المأساوي ليس مجرد عطل فني عابر، بل هو إشارة واضحة إلى فشل إداري وسياسي يستوجب محاسبة فورية، وعلى رأسها استقالة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتور عمرو طلعت.

اندلع الحريق في إحدى غرف الأجهزة بسنترال رمسيس، وهو مبنى تاريخي يعود إلى عام 1927، يُعد العمود الفقري لشبكة الاتصالات في مصر.

الحادث، الذي يُرجح أن سببه ماس كهربائي، أدى إلى أضرار جسيمة في الكابلات الرئيسية ومعدات الاتصالات، مما تسبب في توقف خدمات الإنترنت الأرضي والهاتف المحمول في العديد من المناطق.

وفقًا لبيانات “نت بلوكس”، انخفض حجم الاتصالات إلى 62% من المستويات العادية، مما يعكس حجم الأزمة.

لم يقتصر الأمر على انقطاع خدمات الاتصالات، بل امتد التأثير إلى تعطيل أنظمة حجز تذاكر القطارات، وخدمات الإسعاف، وحتى تطبيقات المحافظ الإلكترونية مثل “إنستا باي”. كما أصيب 21 شخصًا بحالات اختناق نتيجة الدخان الكثيف، مما استدعى تدخل 17 سيارة إسعاف لنقل المصابين إلى مستشفى القبطي.

هذه الأضرار ليست مجرد أرقام، بل تمثل معاناة حقيقية لملايين المواطنين الذين يعتمدون على هذه الخدمات الحيوية في حياتهم اليومية.

حريق سنترال رمسيس ليس حادثًا معزولًا، بل هو نتيجة تراكمات من الإهمال وسوء الإدارة في قطاع الاتصالات. كشف الحادث عن نقاط ضعف خطيرة في البنية التحتية الرقمية، التي يُفترض أنها ركيزة أساسية لتحقيق رؤية مصر 2030 الرقمية.

كيف يمكن أن يتسبب حريق في غرفة واحدة في تعطيل خدمات حيوية على مستوى العاصمة؟ أين أنظمة الحماية والإنذار المبكر؟ ولماذا لم يتم تحديث معدات مبنى يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرن من الزمان؟

أشار بيان برلماني إلى أن الحادث يكشف “هشاشة البنية التحتية الرقمية في مصر”، وهو اتهام خطير يضع المسؤولية المباشرة على عاتق وزير الاتصالات. فبدلاً من الاستثمار في تحديث السنترالات الحيوية وتأمينها ضد الحوادث، شهدنا اعتمادًا مفرطًا على مركز واحد دون خطط بديلة فعالة.

حتى عندما تم نقل حركة الإنترنت إلى سنترال الروضة الاحتياطي، ظلت الخدمات تعاني من اضطرابات، مما يشير إلى غياب التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأزمات.

الدكتور عمرو طلعت، الذي تابع الحادث ميدانيًا، أعلن عن جهود لاستعادة الخدمات تدريجيًا، لكن هذه الاستجابة تأتي متأخرة جدًا.

قطاع الاتصالات ليس مجرد خدمة عامة، بل هو شريان حياة في عصر التحول الرقمي. تعطل الخدمات لساعات طويلة، دون وجود خطة طوارئ فعالة، يعكس فشلاً إداريًا واضحًا. الوزير، بصفته المسؤول الأول عن القطاع، يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الإخفاق.

إن الوعود بالتعويض للمتضررين، التي أعلن عنها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لا تكفي لمعالجة الأزمة.

المطلوب هو محاسبة حقيقية تبدأ باستقالة الوزير فورًا، كبادرة لتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه المواطنين.

لا يمكن أن يستمر المسؤولون في مناصبهم بينما المواطنون يدفعون ثمن الإهمال وسوء التخطيط.

دعوة للإصلاح

إن حريق سنترال رمسيس يجب أن يكون جرس إنذار للحكومة المصرية لإعادة تقييم البنية التحتية للاتصالات.

هناك حاجة ملحة للاستثمار في تحديث المراكز الحيوية، وتطوير أنظمة الحماية من الحرائق، وإنشاء مراكز احتياطية فعالة قادرة على تحمل الصدمات.

كما يجب إجراء تحقيق شفاف للكشف عن أسباب الحريق، ومحاسبة كل من تسبب في هذا الفشل، سواء بالإهمال أو سوء الإدارة.

في النهاية، لا يمكن لمصر أن تطمح لأن تكون مركزًا رقميًا إقليميًا بينما تعاني من انهيار خدمات الاتصالات بسبب حريق في مبنى واحد.

استقالة وزير الاتصالات ليست مجرد مطلب شعبي، بل هي ضرورة لاستعادة ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على إدارة هذا القطاع الحيوي.

اليوم، وليس غدًا، هو الوقت المناسب لاتخاذ قرار شجاع يعكس التزام الدولة بمحاسبة المسؤولين وإصلاح ما تم إهماله لسنوات.

الآن قبل الغد، يجب أن يتحمل المسؤولون عواقب أخطائهم، وأولهم وزير الاتصالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights