السودان يواجه مأساة إنسانية وسيولًا كارثية، وتصعيد أوروبي بشأن الملف النووي الإيراني

السودان أزمة إنسانية وسيولًا كارثية، وتصعيد أوروبي بشأن الملف النووي الإيراني
بينما يواجه السودان أزمات متفاقمة على الصعيدين الإنساني والطبيعي، تتجه الأنظار نحو تطورات الملف النووي الإيراني، حيث تصعد الدول الأوروبية من ضغوطها لفرض عقوبات أممية، وسط تحذيرات إيرانية برد “بالخطوات اللازمة”. هذه التحديات الإقليمية تتطلب اهتمامًا دوليًا عاجلًا لتجنب المزيد من التدهور في الأوضاع. لمزيد من التحليل حول الأزمات الإنسانية، يمكن قراءة “الأزمات الإنسانية في إفريقيا”.
السودان: مأساة حصار الفاشر وتداعيات السيول
تستمر الأوضاع الإنسانية في السودان بالتدهور بشكل كارثي، خاصة في مدينة الفاشر بشمال دارفور، والتي تعاني من حصار خانق منذ 500 يوم. وقد أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تحذيرات شديدة، مؤكدة أن الفاشر تحولت إلى بؤرة لمعاناة الأطفال، حيث يتعرضون لسوء التغذية الحاد، الأمراض، والعنف المستمر.
وكشف تقرير اليونيسف عن أرقام مفزعة:
- تعرض أكثر من 1100 طفل للقتل أو التشويه في الفاشر وحدها.
- 23 طفلًا على الأقل تعرضوا للاغتصاب أو الإساءات الجنسية أو التجنيد القسري.
- توقف العلاج عن 6 آلاف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو ما تسبب في وفاة 63 شخصًا (معظمهم من النساء والأطفال) خلال أسبوع واحد فقط، نتيجة الحصار وقطع خطوط الإمداد.
صورة توضيحية لأطفال سودانيين يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة في أحد مخيمات النزوح في منطقة الفاشر.
ولم تقتصر المأساة على الفاشر، فقد نزح ما لا يقل عن 600 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، من المدينة والمخيمات المحيطة بها في الأشهر الأخيرة. وبقي 260 ألف شخص عالقين في ظروف قاسية دون مساعدات. وتفاقمت الأزمة في بلدة مليط التي تؤوي مهجري الفاشر، مسجلة معدل سوء تغذية قياسي بلغ 34.2% منذ بداية الحرب في أبريل 2023. هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي تتطلب تدخلاً إنسانيًا فوريًا.
على الصعيد السياسي، ترأس قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أول اجتماع لهيئة قيادة الجيش بكامل عضويتها منذ بدء الصراع، بينما جدد نائب رئيس المجلس السيادي مالك عقار رفض الحكومة القاطع لأي تفاوض أو مساومة مع قوات الدعم السريع، مؤكدًا أنه لا مكان لها في مستقبل السودان السياسي والتنفيذي. هذا الموقف يعكس التوترات السياسية العميقة التي تعيق أي حل سلمي للأزمة.
وفي إضافة إلى هذه الكوارث من صنع الإنسان، ضربت السودان أمطار غزيرة وسيول عارمة اجتاحت عدة ولايات، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. وأفاد شهود عيان بوفاة أربعة أشخاص، بينهم طفلان على الأقل، وإصابة آخرين في قرى الدامر بولاية نهر النيل. هذه الفيضانات تسببت في انهيار أكثر من 600 منزل ونزوح أكثر من 3300 شخص، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتردي بالفعل في بلد يعاني من تدهور البنية التحتية ونقص الموارد.
تصعيد أوروبي وحذر إيراني بشأن الملف النووي
في ملف آخر يثير قلقًا دوليًا، أعلنت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا) أنها ستبدأ اليوم خطوات عملية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، مستخدمة “آلية الزناد” ضمن الاتفاق النووي. وأكدت الترويكا أن مواصلة هذه الإجراءات مرهون بمدى تجاوب طهران وتقديمها “التزامات جدية” بخصوص برنامجها النووي خلال مهلة لا تتجاوز 30 يومًا. هذا التصعيد يعكس نفاد صبر الدول الأوروبية تجاه التقدم البطيء في المفاوضات النووية.
وجاء الرد الإيراني حاسمًا على لسان نائب وزير الخارجية كاظم غريب أبادي، الذي أبلغ الدول الأوروبية بأن أي تفعيل لآلية الزناد سيواجه برد إيراني “بالخطوات اللازمة”، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية أمام خيارين: إما التعاون أو المواجهة. هذا التهديد المتبادل يزيد من حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط.
صورة لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يتحدث عن عمليات التفتيش في إيران والملف النووي.
تأتي هذه التطورات بالتزامن مع عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) إلى إيران، وهي الزيارة الأولى منذ تعليق طهران تعاونها مع الوكالة بعد “حرب الـ 12 يومًا” مع إسرائيل في يونيو الماضي. وقد أكد المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، أهمية عودة المفتشين، مشددًا على ضرورة معالجة جميع القضايا المتعلقة بعمليات التفتيش. ومع ذلك، اقتصرت الزيارة على مفاعل بوشهر النووي، وهو مفاعل عامل أنشأته ألمانيا في السبعينيات، ويتم تغيير وقوده تحت إشراف روسي، مما يتطلب وجود مفتشي الوكالة كجزء من البروتوكول. للمزيد عن عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكنك زيارة موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي ظل هذه التوترات، كانت هناك تقارير، نقلتها صحيفة وول ستريت جورنال، عن تهديدات موجهة مباشرة لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي. ورغم رفض غروسي الخوض في تفاصيل هذه التهديدات، فقد شدد على أن الأولوية هي بناء علاقات قوية مع إيران، في محاولة للحفاظ على قنوات التواصل والدبلوماسية وتجنب التصعيد الذي قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والدولي.
تعكس هذه التطورات حالة عدم اليقين والتوتر المتزايد في المنطقة، وتبرز الحاجة الملحة إلى حلول دبلوماسية للأزمات الإنسانية والسياسية، والتحديات النووية التي تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.