
في حدث دبلوماسي واقتصادي بارز، استضافت مصر اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المصرية التونسية هذا العام، وذلك بعد توقف دام ثلاث سنوات منذ آخر اجتماع لها في عام 2022. ترأس الاجتماعات من الجانب المصري الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومن الجانب التونسي نظيرته السيدة سارة الزعفراني، رئيسة حكومة الجمهورية التونسية الشقيقة. تعكس هذه الاجتماعات عمق العلاقات المصرية التونسية التاريخية والأخوية، وتؤكد على الإرادة السياسية المشتركة لتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات. وقد شهدت المباحثات نقاشات موسعة حول سبل دفع التعاون المشترك واستعراض عدد من الملفات الحيوية التي تهم البلدين، وصولًا لتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
توسيع آفاق الاستثمار في تونس ومصر وتفعيل الشراكات الاقتصادية
جاء على رأس أولويات المباحثات المشتركة، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المصرية التونسية ودفع حجم التبادل التجاري بين البلدين. أكد رئيسا الوزراء على أن حجم التبادل التجاري الحالي، الذي يقل عن نصف مليار دولار سنوياً، لا يلبي تطلعات الشعبين الشقيقين ولا يتناسب مع الإمكانات الهائلة المتوفرة في كلا البلدين. لذلك، اتفق الطرفان على وضع هدف طموح لمضاعفة هذا الحجم خلال العامين القادمين، من خلال تفعيل الشراكات الاقتصادية المشتركة وتقديم حوافز استثمارية أكبر للقطاع الخاص من الجانبين.
في هذا الإطار، سيتم افتتاح مجلس الأعمال المصري التونسي، الذي سيقوم باستعراض الفرص والمجالات الواعدة لضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الخاص، سواء في مصر أو في تونس. هذا المنتدى سيعمل كقاعدة أساسية لتعزيز الاستثمار في تونس ومصر، وتوسيع نطاق التعاون ليشمل الأسواق الإفريقية. فمع وجود قوي لتونس في غرب إفريقيا ولمصر في شرق ووسط إفريقيا، يمكن للبلدين التكامل معاً لاستهداف السوق الإفريقية الواعدة بما لديهما من تواجد وخبرات.
تنسيق المواقف تجاه القضية الفلسطينية واستقرار ليبيا
شملت المباحثات أيضاً تناول التطورات الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولي والسيدة سارة الزعفراني على الموقف الثابت والمشترك للبلدين في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. شدد الجانبان على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأدان الجانبان الاعتداءات السافرة على الشعب الفلسطيني في كل القطاعات، مؤكدين رفضهما التام لأي محاولات للتهجير.
كما تم التطرق إلى ملف ليبيا الشقيقة، حيث كان هناك اتفاق كامل على ضرورة استقرار ووحدة الأراضي الليبية. أكد الجانبان على أن الحل يجب أن يكون ليبيًا في الأساس، دون تدخل أي أطراف خارجية. وهذا يتضمن دعم الجهود المبذولة للوصول إلى تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية والفعاليات الأخرى التي تهدف إلى وحدة الأراضي الليبية واستقرارها. هذا التنسيق يعكس حرص البلدين على دعم الأمن والاستقرار في المنطقة وتجنب تفاقم الأزمات.
الرؤى المشتركة نحو عالم عربي أكثر عدلاً
أكدت رئيسة وزراء تونس السيدة سارة الزعفراني على ضرورة أن يتكاتف الشعب العربي ويتضامن لمواجهة التحديات الكبرى، وخاصة أن الأراضي العربية أصبحت مستباحة. كما أشارت إلى أن الأنظمة الاقتصادية العالمية الحالية غالبًا ما تكون غير عادلة، وقد أثبتت السنوات الأخيرة ذلك. دعت الشعوب العربية إلى حل قضاياها بأنفسها دون إملاءات خارجية، مع التأكيد على السيادة الوطنية. هذا يتماشى مع موقف مصر الثابت والداعم لحق الشعوب في تقرير مصيرها دون تدخلات.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعميق العلاقات المصرية التونسية
شهد ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المصرية التونسية توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات متنوعة وذات أولوية لكلا البلدين الشقيقين. هذه الاتفاقيات تغطي قطاعات حيوية مثل الصحة، الشباب والرياضة، والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى تعزيز مناخ الاستثمار في تونس ومصر والتجارة الخارجية. وتُعد هذه الخطوات بمثابة خارطة طريق لتعزيز التعاون الثنائي خلال الفترة المقبلة، وستكون محل متابعة مستمرة من قبل الوزراء المعنيين من الطرفين لضمان تفعيلها على أرض الواقع.
وقد ثمنت رئيسة وزراء تونس جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في مجال الإصلاح والنمو الاقتصادي، مؤكدة على الدور المحوري الذي تقوم به مصر على المستوى الإقليمي والدولي في مختلف القضايا، وخاصة دعم القضية الفلسطينية. كما عبر الجانبان عن تطلعاتهما بأن تكون هذه الدورة الـ 18 لأشغال اللجنة المشتركة منطلقاً جديداً لتوثيق أواصر الأخوة والتعاون بين مصر وتونس، ليس فقط لخدمة مصالح شعبيهما، بل لدعم المنطقة العربية بأسرها في تحقيق العدالة والازدهار.
مستقبل مشرق لـ العلاقات المصرية التونسية
تؤكد مخرجات اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المصرية التونسية على أن هناك إرادة سياسية قوية لتعزيز العلاقات المصرية التونسية نحو آفاق أرحب من التعاون والتنسيق. هذا التفاهم المشترك والعمل الجاد يفتح الباب أمام مستقبل مشرق لـ الاستثمار في تونس ومصر، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة والرخاء للشعبين. كما يعزز من دور البلدين كركيزتين أساسيتين للأمن والاستقرار في المنطقة العربية وإفريقيا، ويساهم في حل القضايا الإقليمية والدولية المعقدة.
خدمات ومتابعة إضافية من الدليل نيوز
كن جزءًا من مجتمع الدليل نيوز وتابع أهم المستجدات:
لتبقى على اطلاع دائم بآخر الأخبار الفنية وقضايا المشاهير، انضم إلينا عبر منصاتنا:
لا تفوت آخر الأخبار والمستجدات من “الدليل نيوز” تابع أسعار العملات العالمية: