
نصر أكتوبر المجيد… عبور الإرادة إلى النصر
بقلم: مهرائيل ثابت
في السادس من أكتوبر عام 1973، سطّر التاريخ العربي صفحة من أنصع صفحاته، حين امتزجت دماء الأبطال بصوت التكبير لتعلن بداية معركة التحرير والكرامة. لم يكن نصر أكتوبر مجرد معركة عسكرية تقليدية، بل كان تحوّلًا استراتيجيًا غيّر موازين القوى وأعاد للأمة العربية ثقتها بذاتها بعد سنوات من الانكسار والخذلان.
من الهزيمة إلى البناء
بعد نكسة يونيو 1967، أدركت القيادة المصرية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات أن النصر لا يأتي بالشعارات، بل بالإعداد الدقيق والإيمان العميق. فبدأت مرحلة إعادة بناء الجيش المصري على أسس علمية حديثة، تدريبًا وتسليحًا وتخطيطًا، مع تنسيق كامل مع القيادة السورية استعدادًا لمعركة عربية واحدة هدفها استرداد الأرض والكرامة.
العبور الذي غيّر وجه التاريخ
في تمام الساعة الثانية ظهرًا من يوم السادس من أكتوبر، الموافق للعاشر من رمضان 1393 هـ، انطلقت شرارة العبور العظيم. اقتحم أبطال القوات المسلحة المصرية قناة السويس تحت غطاء من التكبير، وتمكنوا خلال ساعات من تحطيم خط بارليف الحصين الذي طالما تغنّت به إسرائيل باعتباره “المانع الذي لا يُقهر”.
على الجبهة السورية، اندفعت القوات العربية لتحرير الجولان، وحققت تقدمًا ميدانيًا لافتًا في الأيام الأولى للمعركة، مما أربك العدو وأفقده توازنه العسكري والنفسي.
بطولات خالدة وإرادة لا تُقهر
قدّم الجنود المصريون والسوريون نموذجًا مشرفًا في التضحية والفداء. ففي معارك الإسماعيلية والمزرعة الصينية، أثبت المقاتل العربي قدرته على مواجهة أعتى أنواع الأسلحة بإيمان وإصرار.
كما لعبت قوات الدفاع الجوي دورًا بارزًا في تحييد الطيران الإسرائيلي، وأسقطت عشرات الطائرات في معارك جوية سجّلها التاريخ العسكري بحروف من ذهب.
ولم يكن الانتصار مصريًا وسوريًا فقط، بل عربيًا بامتياز. فقد شاركت دول عربية عدة بدعم سياسي واقتصادي وعسكري، في مقدمتها السعودية والعراق والجزائر والكويت والأردن، لتجسد وحدة الصف العربي في أنبل صورها.
نتائج النصر وأثره العميق
أعاد نصر أكتوبر للعرب كرامتهم وثقتهم بأنفسهم، ونسف أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. لقد أظهر للعالم أن الشعوب التي تؤمن بحقها قادرة على انتزاعه مهما طال الزمن.
كان هذا النصر بداية مسار جديد انتهى باستعادة مصر لأرضها كاملة، وأثبت أن السلام لا يتحقق إلا من موقع القوة.
ذكرى باقية في وجدان الأمة
اليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود على النصر، تبقى ملحمة أكتوبر حية في وجدان كل عربي. إنها ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل درس متجدد في معنى الإصرار والوحدة والتضحية.
علينا أن ننقل هذه القيم إلى الأجيال القادمة، ليعرفوا أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الأوطان لا تُحفظ إلا بالعزيمة والإيمان.
إن السادس من أكتوبر لم يكن فقط يومًا للنصر، بل يومًا لاستعادة الروح العربية التي حاول البعض طمسها، فكانت صيحات “الله أكبر” على ضفاف القناة بداية نهضة جديدة وولادة عهد من الكرامة والسيادة.
—
#نصر_أكتوبر #عبور_الكرامة #الجيش_المصري #القوات_المسلحة #أنور_السادات #يوم_النصر #مصر_العروبة #مهرائيل_ثابت #أكتوبر_1973 #ملحمة_العزة