مقالات

نواب الشعب .. أم نواب المصلحة ؟

بقلم : حاتم الخصوصى

من المستحيل أن تفرز الانتخابات من هو أصلح وأنفع  للشعب لأن رأس المال لعب دورا رئيسيا فى وصول معظم المرشحين الى كرسى البرلمان  رغم أن البعض منهم لم يكن له برنامج انتخابى والبعض الآخر لا يفهم معنى كلمة برنامج أصلا ، وقد شاهدنا ذلك فى كثيرا من اللقاءات الذين أطلقوا عليها مؤتمرات فلم نسمع لواحد منهم أن تحدث عن هموم المواطن والام الناس الغلابة ، ولم يتطرق أى منهم لمناقشة غلاء الأسعار وقسوة الحياة ، ولم نسمع لأى منهم أن تحدث عن معاناة الناس من ارتفاع  أسعار فاتورة الكهربا وقال مثلا أن الدولة تغلبت على الظاهرة السلبية وحلت مشاكل الانقطاع وتحولت مصر من دولة مستهلكة الى دولة مصدرة للكهرباء وأن المواطن البسيط من دفع فاتورة هذا الاصلاح  ووجب على الدولة الآن أن تخفض الأسعار رحمة بالمواطنين وقال إنه سوف يتبنى هذا حال وصوله الى البرلمان ، وكذا لم نسمع لأى منهم أن تحدث عن مشكلة الصحة ومعاناة المرضى فى المستشفيات الحكومية من الإهمال وسوء المعاملة وعجز الدواء واستغلال أصحاب المستشفيات والعيادات الخاصة للفقراء والمعدمين .

لم نسمع لأى منهم أن تحدث فى مشكلة التعليم وعناء الأمهات والآباء واولياء الأمور من تردى الحالة التعليمية وارتفاع المصروفات وقال أيضا أنه سوف يتبنى ذلك ، ولم نسمع لأى منهم  أنه تحدث عن مشكلة  الفقراء الذين ينبشون فى القمامة للحصول على قوت يومهم ،  ولم نسمع لأى منهم أنه تحدث عن المعدمين والعجزة من أصحاب العاهات والاحتياجات الخاصة الذين يذوقون الأمرين وينتظرون شهورا طويلة للحصول على بضعة جنيهات تحت مسمى تكافل وكرامة ليصرف شهرا أو شهرين ثم يتوقف راتبهم مرة أخرى ولا يعرفون الأسباب ليعيدون  الكرة والمعاناة ويصبحون كعب داير يستفون الأوراق وتحفى أقدامهم بين المؤسسات والهيئات الحكومية ينتظرون شهورا أخرى بل سنوات يصرخون يكسرهم الفقر ولم يسمع لهم أحد .

ولم نسمع لأى منهم أن تجرأ وناقش مشكلة التصالح فى البناء وهدم البيوت ، ولم نسمع لأى منهم أن ناقش هموم ومشاكل الناس فى ارتفاع فاتورة المياه وطفح المجارى والمشروع الذى لم ينتهى منذ أكثر من خمسة وعشرون عاما ، ولم نسمع لأى منهم أن تحدث عن أكوام القمامة والقاذورات التى تملا الشوارع ، بالفعل لم نسمع ولم نشاهد ذلك. لكن رأينا بعضا منهم يحاول ارضاء المواطنين لكسب أصواتهم يمهد الطرق هنا وهناك ويحاول مد يد العون  لتغير مواسير الصرف التالفة فى بعض القرى فهذا شئ حسن ، والبعض الآخر فكر بطريقة أخرى كيف يشترى الأصوات فى كل قرية واتفق على مبلغ معين يدفع  مقابل الحصول عى عدد معين من الأصوات ، والآخر فكر فى أن يدفع مبلغ معين لمركز الشباب أو أن ينشئ حديقة ولو صغيرة يضع اسمه عليها ليعرفه الناس ويكسب أصواتهم .

لكن السمة السائدة التى طفت على السطح كيفية شراء الأصوات بأى ثمن وأى طريقة مشروعة أو غير مشروعة للوصول الى كرسى البرلمان. للأسف رايناهم يتاجرون بفقر الناس الغلابة يشترون أصواتهم بثمن بخس يبعثرون الأموال هنا وهناك لشراء الأصوات حتى لو أدى ذلك الى استعمال العنف واطلاق الرصاص  ، الفقراء يصرخون من الجوع ولم ينظر اليهم أحد فى الوقت الذى تنفق فيه الأموال بشراسة على الطبالين وكدابين الزفة وشلل المنتفعين الذين لا يضيعون فرصة يستغلونها للخروج بأكبر المكاسب حتى لو كانت على حساب كرامتهم فلا بأس .

ولذلك حرب جديدة ظهرت على الساحة هذه المرة انتشرت فيها الكتائب الالكترونية المغرضة على صفحات التواصل الاجتماعي من أجل الهجوم على مرشح بعينه لتفتيت الأصوات خاصة المرشحين السابقين والنغمة السائدة  التى كانت تردد ماذا فعل المرشح الفلانى؟  مؤامرات حيكت واشاعات انتشرت على من هم أفضل بكثير ممن وصلوا الى البرلمان الحالى . أعتقد أن هذه الكتائب لعبت على جهل الكثير من الناس واستغلت  مقاطعة الشباب وعزوفهم عن المشاركة ولهذا خططوا أن يكون اللعب على كبار السن من الفقراء واغرائهم ببعض  الأموال والسلع ونشر سياراتهم تحمل هؤلاء من منازلهم ذهابا وايابا ، بالفعل هذا ما حدث ووصل من وصل. لكن أشك ان يلتفت أحد منهم بعد ذلك الى الناس   أو أن يرد عليهم فى التليفون ، للأسف افتقدنا بعضا من المرشحين المحترمين من أصحاب العلم والخلق من المثققفين وأساتذة الجامعات الذى سقطوا امام سطوة المال.

أقول أننا لم نخسر الشرفاء فحسب بل خسرنا أنفسنا. وليسأل كل واحد منا نفسه عن حجم الانفاق والأموال الذى أنفقها كل مرشح على الدعاية والرشاوى وشراء الأصوات والاستماتة   من أجل وصوله الى البرلمان . هل هذا  النائب سوف يعمل لصالح الشعب أم أن أول ما يفكر فيه كيف يجمع ما أنفقه.

وبعد كل ما حدث من هؤلاء يبقى السؤال الذى يطرح نفسه : هل هؤلاء يصلحون للرقابة والتشريع ؟ فالأيام القادمة سوف تجيب على هذه الأسئلة.

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights