مقالات

صحفيون لا يقرأون الصحف

بقلم : مصطفى بدوى

اول ما يفعله الصحفى عندما يذهب لعمله صباحا هو الاطلاع على كل الصحف الصادرة فى هذا اليوم ليعرف ما يدور حوله سواء فى محيطه الضيق المحلى أو محيطه الأوسع على المستوى الإقليمي أو الدولى ، وكلما تصفح عدد أكبر من الجرائد كلما كان المامه بالاحداث اكبر واستيعابه أشمل وإدراكه أوسع .. ويستطيع بلورة كل ما قام بقراءته فى شكل جديد يقدمه فى اى قالب من قوالب العمل الصحفى يفيد به القارئ وفى نفس الوقت صحيفته كما يطلع على ما أنتجه فى اليوم السابق وقدمه للقارئ على صفحات الجريدة ، وهل ظهر بالشكل الأمثل ، وما انفرد به وما تخلف عن نشره ليواصل التألق أو يصحح مواضع قدميه ليظهر بشكل أفضل فى اليوم القادم سواء أمام قارئه أو مصادره.

كل هذا كان يحدث سابقا عندما كانت هناك صحافة حقيقية وصحفيون يعرفون قيمة الرسالة والأمانة التى يحملون مسئوليتها ، كل صحيفة تتسابق مع منافسيها من الصحف الأخرى للانفراد والتميز والحصول على ثقة القارئ لشرائها دون غيرها أما الآن فقد تغير الأمر تماما ، فبالرغم من المشاكل والتحديات الكبرى التى تواجه الصحف الورقية من تقنيات حديثة وصحافة رقمية وفضائية سريعة تجعل المنافسة أمرا مستحيلا خاصة فى مجال الخبر إلا أن القائمين على هذه الصحف فشلوا فى مواجهة هذا الاختبار وارتضوا بتلقى اللكمات واحدة بعد الاخرى دون التفكير فى التدريب والتحديث والتطوير او فعل اى شئ يحسب لهم على مستوى المحافظة على المهنة .

وبات ما يحدث مع الصحف اليوم. امر لا يصدق لانه حولها الى ( مسخ ) ، كل الصحف تشبه بعضها بعضا ، صفحات الاخبار تقريبا واحدة ، والغريب ايضا ان المتابعات واحدة ، وحتى الحملات واحدة ،والاغرب أن الصحف الصباحية تشبه المسائية والقومية تشبه الحزبية والمستقلة وكأنه رئيس التحرير واحد ، يوجه الجميع بقرار واحد ولذلك تراجع توزيع الصحف لأدنى مستوياته لان القارئ لم يعد يجد نفسه أو حتى مشاكله على صفحات الجرائد وكأن ما يقدم على ورق الصحف توجيهات وأوامر من أعلى إلى أسفل أو من الحكومة إلى المواطن.

لذلك ابتعد هذا المواطن على هذا التعالى وهذا التجاهل ، والعجيب أن الصحفيين أنفسهم ابتعدوا على الاجتهاد والانفراد لدرجة أنهم باتوا لا يقرأون ما يكتبون ، واصبح أمر قراءة الصحف يتعلق بتأدية وظيفتهم فقط وليس للاطلاع والابداع والابتكار والخروج بأفكار جديدة ، ولهذا فإنى اعتقد ان الصحفيين شركاء فى جريمة القضاء على ( المهنة ) لانهم ارتضوا أن يكونوا موظفين ينتظرون الراتب اخر الشهر والسؤال الاهم الان هل يمكن انقاذ الصحافة الورقية والتى ترقد حاليا فى غرفة ( الانعاش ) ؟ ام انها بالفعل ماتت اكلينيكيا .. وبفعل فاعل ؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights