جثث في كل مكان ونساء مرجومات .. تقرير ينشر لأول مرة عن “المفسدين في الارض”
أكمل النشار
فرض تنظيم “داعش” الإرهابي سيطرته علي بعض المناطق في العراق وسوريا لمدة ثلاث سنوات تقريبا ، عاث التنظيم فيهم فسادا في الارض ،و طبق خلالها مقاتلو هذا التنظيم ألوانًا من العذاب في صورة مجموعة من العقوبات؛ بزعم أنها الشريعة الاسلامية الصحيحة وتعاليم الاسلام !.
أكثر من 7000 مفقود:
طبقًا لتقديرات منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أكتوبر 2018، فهناك ما بين 3000 و5000 من الأشخاص، قد تمَّ اعتقالهم من قِبَل داعش في سوريا والعراق ما زالوا مفقودين.
ووفقًا لراديو فرنسا الدولي، نقلًا عن تقاريرَ لمكاتبَ تابعة للأمم المتحدة في العراق، هناك أكثر من 7200 من الأشخاص المفقودين، بما فيهم أكثر من 3000 من الأقلية الإيزيدية في محافظة “نينوى” التي تضم مدينة “الموصل”.
أكثر من 202 مقبرة
ذكر راديو فرنسا الدولي أنه من بين 202 مقبرة جماعية خلَّفها إرهابيو هذا التنظيم الوحشي، تمّت عمليات البحث والتفتيش فقط في نحو 28 مقبرة، استُخرج منهم نحو 1258 جثة لنساء وأطفال ومسنين ومعوَّقين، ومن أفراد القوات المسلحة والشرطة، وفقًا للأمم المتحدة في أحد تقاريرها. كما أفاد التقرير أنه “يمكن أن يكون هناك المزيد من المقابر”؛ حيث لا تزال هناك مناطق يتعذّر الوصول إليها لأنها مليئة بالألغام أو مهددة من قِبَلِ الخلايا الإرهابية المسلحة.
أُسر الضحايا يُلازمهم الأملفي سوريا، تمكّنت بعض عائلات الضحايا من معرفة أماكن دفن ذويهم من خلال الوثائق الإلكترونية، أو عن طريق وصف الملابس أو المجوهرات، ومن ثمَّ تسنَّى لبعضهم استعادة الجثث وإعادة دفنها. لكن في المقابل، هناك 256 أسرة ما زالت تنتظر معرفة مصير أقاربها المفقودين. كما يُذكر أنّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثّقت 8143 حالة لأفراد احتجزهم تنظيم داعش، ولا يزال مصيرهم مجهولًا.
إطلالة على خريطة مقابر داعش
المتأمل في خريطة مقابر داعش الجماعية في سوريا والعراق يجد أنها تتمركز في المحافظات العراقية “كركوك”، و”نينوى”، و”صلاح الدين”، و”الأنبار”. أمّا في سوريا فتتمركز تلك المقابر الجماعية في محافظات الشمال السوري: حلب، وحمص، والرقة، – وفق ما ذكر راديو فرنسا الدولي.
وفي هذا البيان التوضيحي المختصر يمكننا تخيّل حجم الكارثة التي مُنيَت بها مناطق الصراع في سوريا والعراق، جرّاءَ الأعمال الإرهابية التي ارتكبها من قِبَلِ تنظيم داعش:
نماذج من المقابر المكتشفة:
في ديسمبر عام 2014 تمَّ العثور على مقبرة جماعية لضحايا داعش في “دير الزور”؛ حيث تمَّ استخراج نحو 230 جثة، نُفِّذَ فيها حكم الإعدام، وكانوا جميعًا من قبيلة “الشعيطات” المعروفة بمقاومتها لهذا التنظيم الإرهابي.في مايو 2015 تمَّ اكتشاف مقبرةٍ جماعية في مدينة “تكريت” العراقية تضم نحو 470 من ضحايا داعش. ووفقًا لبعض المصادر، فقد تمَّ استخراج جثث مذبحة “سبايكر” البالغ عددهم “470”، لكن العدد الإجمالي للمقتولين يصل إلى ” 1700″، معظمهم من أعضاء الميليشيات الشيعية، في “مذبحة سبايكر”، القاعدة العسكرية الواقعة على الحافة الشمالية من “تكريت”؛ حيث أُعدم معظم المجندين الشيعة في يونيو2014.
في فبراير من عام 2015 تمَّ اكتشاف مقبرة جماعية تحتوي على أفراد من الإيزيديين قتلوا بالقرب من قرية “سنوني”، في منطقة “سنجار”؛ حيث تمَّ العثور على نحو 23 من القتلى الإيزيديين.
في ديسمبر من عام 2015 تمَّ اكتشاف مقبرةٍ جماعية لضحايا داعش من الإيزيديين في مدينة “سنجار” العراقية. تضم تلك المقبرة ما لا يقل عن 25 من الجثث المتحللة للضحايا.في نهاية ديسمبر لعام 2017 تمَّ اكتشاف مقبرتيْن في مناطقَ تسيطر عليها السلطات السورية وكذا في غرب مدينة الرقة؛ حيث تمَّ استخراج نحو 150 جثة منهما.في فبراير من عام 2018 تمَّ اكتشاف مقبرةٍ تضم ما لا يقل عن 34 من ضحايا داعش من المدنيين في شمال سوريا، وتمَّ نقل الجثامين إلى مستشفى حلب العسكري لاستكمال الإجراءات القانونية، ومعرفة هويتهم.في شهر يناير من العام الحالى (2019) تمَّ اكتشاف مقبرةٍ جماعية تحتوي على حوالي 3500 جثة بالقرب من الرقة؛ حيث تُعدُّ أكبر مقبرة جماعية لداعش تمَّ اكتشافها إلى الآن.تمَّ تحديد مواقع ثمانية مقابر جماعية أخرى في شمال سوريا، بما في ذلك مقبرة “البانوراما”، والتي تحتوي على أكثر من 900 جثة تمَّ استخراجها.
أحدث المقابر اكتشافًا: مقبرة جماعية تضم 200 من ضحايا داعش في الرقة
وفقًا لما صرَّحت به السلطات السورية، والمرصد السوري لحقوق الإنسان (إحدى منظمات المجتمع المدني)، تمَّ العثور على مقبرةٍ جماعية تضم نحو 200 جثة أو أكثر من المواطنين الذين أُعدموا من قِبَلِ إرهابيي “داعش” عثر عليها في ضواحي الرقة.
نساء مرجومات وجثث مدفونة بملابس الإعدام وأكثر من 800 ضحيةكان من بين هذه الجثث خمس جثث مدفونة بملابس الإعدام التي كان يستخدمها إرهابيو داعش مع أسراهم المعاقبين بالإعدام. كما تتكون هذه المقبرة من عددٍ من الحفر، تحتوي كل حفرة على خمس جثث.
وفيما يتعلق بأوضاع تلك الجثث، قال ياسر الخميس، مسئول فريق الاستجابة الأولية في الرقة: “تمَّ تقييد أيدي هؤلاء المعدومين وإطلاق النار عليهم صوب الرأس”. وأضاف أنّ وفاتهم تعود إلى عاميْن، منوهًا أنه ليس من الممكن تحديد هوية هؤلاء الضحايا حاليًا. مضيفًا أنه تمَّ العثور على ثلاث جثث لنساء، تبدو عليهن آثار الرجم، حيث إنّ جماجمهم تبدو عليها آثار كسور خطيرة وعلامات رجم”. وقد أوضح فريقه في أوائل يونيو الماضي (2019) أن هذه المقبرة الجماعية الواقعة جنوب الرقة، والتي تمَّ استخراج نحو 200 جثة منها بالفعل، قد تحتوي على أكثر من 800 جثة لضحايا داعش.
كما يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف على العثور على الأشخاص المفقودين سابقًا أو يوضح ظروف وفاة الآلاف الآخرين، بما فيما ذلك أسرى داعش من الأجانب.
ومن جانبه قال “نديم حوري”، المدير السابق لبرنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في “هيومن رايتس ووتش”: “هناك الكثير من العمل الاستقصائي الذي يتعيَّن القيام به للعثور على المفقودين”. كما يذكر أنه في مايو الماضي، دعا “نديم حوري” في باريس، مع “تحالف أسر المختطفين لدى داعش” المُنشأ حديثًا، إلى إنشاء آلية تنسيقٍ بين العائلات والمسئولين المحليين ودول التحالف من أجل تفعيل آليات البحث عن المفقودين.
وختامًا، لا تزال الأيام تكشف لنا عن مدى فظاعة جرائم داعش الوحشية في حق الإنسانية جميعها، من خلال ممارستها ألوانًا من التعذيب بحق الأبرياء أودت بحياتهم، تلك الفظائع التي تُنكرها وتأباها كل الأديان والمواثيق الإنسانية والدولية. وستظل تلك الجماعات في شتاتٍ وضلالٍ ما دامت تسلك طريق البربرية والوحشية والتخبط الفكري والأيديولوجي، وهو ما يجعلها كسرطانٍ ينخر في عظام العالم ويريد أن يجعل منه جثةً هامدة لا تقوى على شيء.
إن ما ترتكبه هذه الجماعة الإرهابية يبعد كل البُعد عن سماحة الدين الذي تتملق إليه زورًا. فباسم أيّ دين أو عُرف يحق لأيّ إنسان أن يقتل أخاه في الإنسانية؟! أو ينتهك بتلك البشاعة أمنه وحياته؟!