عادات وتقاليد بعض المأكولات في يوم عاشوراء عبر العصور
كتب : أحمد عثمان عوض
العصيدة الحارة بالبيض في سوريا.. فرقعة البيض على النار بتونس.. طبق الملوخيه في مكه المكرمة.. الكسكسى في المغرب..ومصر تفضل أكل البط بـ” الفتة”..
منذ العصر العباسي وما تلاه اهتم الحكام وعامة الشعب بالمناسبات الدينية حيث لم تعد تقتصر على العبادات بل تعدتها إلى مظاهر احتفالية متعددة، حيث كانت تقام الولائم وتبسط الأسمطة وتوزع المنح والعطايا على كبار القادة ورجال الدولة ويشارك في تلك المآدب عامة الشعب ولاقت هذه المظاهر اهتمامًا خاصًا في العصر الإسلامي وفي بلاد المغرب العربي ومع أفول عصور القوة والازدهار والثراء خف بريق هذه الاحتفالات لأسباب عديدة منها سياسية وعسكرية واقتصادية وكان الاحتفال برأس السنة الهجرية من الاحتفالات شديدة الأهمية
فيما يقتصر اليوم بالاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية، على إقامة معالم الزينة حيث نشاهد حبال المصابيح المنتشرة على أبواب الحوانيت والمتاجر والأسواق وتنار المآذن وتقام الصلوات وتقرأ سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم إلى جانب الأدعية، كما جرت عادة أهالي حلب بتناول الحلوى لتكون سنتهم سنة خير وبركة حيث يتناولون صباحًا الشعيبيات والمأمونية والجبنة وتطور الإفطار مع الأيام لتناول الفول وأطعمة أخرى.
كما تعمد النساء إلى صناعة الحبوب والسمبوسك لتوزيعه على الجيران والأهل والفقراء طلبا للثواب ولطلب الرحمة على الأموات إلى جانب الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم
واقع الأمر أن عادات وتقاليد الشعوب تختلف على مر التاريخ في الاحتفال بـ رأس السنة الهجرية وخصوصا الشعوب العربية، حيث تتميز بتقديم الولائم والعزائم الدسمة في تلك المواسم وتقديم التهانى والزيارات العائلية، فهى من الأمور المعتاد عليها.
في دول المغرب العربى يحتفلون برأس السنة الهجرية بطبخ “العصيدة الحارة بالبيض”، فلا يمكن أن يمر رأس السنة الهجرية بدون التنازل عن تلك الوجبة الدسمة، إضافة إلى ذبح الخراف، وفى القرى يتفاءلون بتناول الملوخية مستبشرين بلونها الأخضر الذي يوحى بالسلام والأمان.
كما أن طبق “الكسكسى” هو الطبق الرئيسى الذي يمثل لهم تاريخ الدولة الفاطمية التي حكمت دول المغرب العربى، وهو طبق أمازيغى
إن مظاهر الاحتفال تبدو جليّة أكثر في القرى التونسية وفي الأرياف إذ خفّ في أيامنا هذه، وهجرها في المدن، احتفال التونسيين بهذا اليوم يعكس واقعه وتطلعاته لغد أفضل، فالقروي التونسي الذي يعمل في مجال الزراعة وتربية الماشية يتطلع إلى تحسن ظروف معيشته من خلال تحسّن إنتاجه فيأمل بسنة فلاحية خصبة ويصلي في هذه المناسبة من أجل تحسن المناخ ونزول الغيث.
في هذه المناسبة، يجتمع القرويون والقرويات لذبح الخرفان تبركًا بالسنة الجديدة، ويتناولون الكسكس بالقديد، أو العصيدة الحارة بالبيض، كما يعد طبق الملوخية تبرّكا بسنة خصبة خضراء، ويجتمع الأطفال حول نار الموقدة لشواء البيض التي جرى جمعه مسبقا خلال جولاتهم بين سكان القرية، وإن سماع صوت فرقعة البيض على النار يعني لهم صوت الرعد والأمطار المنتظرة خلال العام الجديد.
وفي بداية كل سنة هجرية يعمد أهل مكة إلى تلاوة الصلوات وتبادل التبركات ويأخذ العيد طابعًا تطغى عليه الفرحة، وتمارس فيه جملة من العادات والتقاليد المترسخة في الذاكرة والمتوارثة على مرّ السنوات.
من عاداتهم المعروفة أنهم يتناولون في هذا العيد طبق الملوخية من باب التفاؤل بحلول سنة جديدة عساها تحمل الإخضرار إلى بلدهم والخير إلى أهلها، كما جرت العادة أن يتناولوا الحليب “أبو الهيل” الذي يجلب أيضا التفاؤل والخير لهم عند إطلالة العام الجديد ببياضه الذي يرمز إلى الطهارة والبركة.
في مصر يحتفل الشعب المصرى برأس السنة الهجرية بتناول ” الفتة ” بالبط وخبز الفطير، فرحا بالعام الجديد فهى عادة قديمة توارثتها الأجيال، لتكون الوجبة الرئيسية في هذا اليوم.
وتنتظر الأسر الجزائرية حلول رأس السنة الهجرية، والأسبوع الذي يليها ويسبق يومي التاسع والعاشر من محرم لاستغلاله في تحضير بعض الأكلات التقليدية، كالمسمن والبغرير والكسكسي والشخشوخة وغيرها وإعطاء الفرصة للفتيات الصغيرات لعجن هذه المأكولات، وذلك لاعتقاد الأمهات والجدات أن العمل في هذه المدة يقوي الفتيات ويزيد من شطارتهن، كما يساعدهن على تحمل الصعوبات التي قد تواجههن في المستقبل
في مكه المكرمة
من عاداتهم المعروفة أنهم يتناولون في هذا العيد طبق الملوخية من باب التفاؤل بحلول سنة جديدة عساها تحمل الاخضرار الى بلدهم والخير الى أهلها، كما جرت العادة أن يتناولوا الحليب “أبو الهيل” الذي يجلب أيضا التفاؤل والخير لهم عند اطلالة العام الجديد ببياضه الذي يرمز الى الطهارة والبركة
كما أن طبق الكسكسي ليس عاده مصريه
ولكن عاده مغربيه
اصل الكسكسي_:
الكسكسى من الأكلات التى ذكرها العديد من الرحالة أبرزهم شارل أندرى جوليان فى كتابه “تاريخ شمال أفريقيا” والذى أوضح فيه أصل الكسكسى والذى ظهر فى أغلب مناطق شمال أفريقيا وكانوا يطلقون عليه اسم “سيكسو” أو “كسكسو” وذلك فى بلاد الجزائر والمغرب وشرق ليبيا، وهى كلمة أمازيغية وكلمة “كسكسو” فهى مشتقة من “سيكسو” وهى كلمة أمازيغية ومعناها الطريقة التى تحضر بها حبوب القمح الصغيرة
وبعد ذلك أصبحت أكلة الكسكسى عالمية وتوجت الأطباق الرئيسية على مائدة الفرنسيين حتى وقتنا هذا ولقت أهمية كبيرة فى مختلف الدول، وكل دولة لها طريقة عمل مختلفة فهناك من يحضرها كطبخة ووجبة أساسية وآخرون يعتبرونها من أنواع الحلويات مع إضافة السكر أو العسل.
ويتسم الكسكسى بالعديد من الفوائد لاحتوائه على الكثير من المغذيات ومضادات الأكسدة الحامية لخلايا الجسم والمجددة لها كما يحتوى على البوتاسيوم المنظم لضغط الدم ويسهل حركة العظام والمفاصل كما ينظم عمل القلب ويحيه من الأمراض، وبخلاف ذلك فالكسكسى يمنح الفرد الكثير من البروتينات.
أصل الملوخية :
يرجع أصل تلك الأكلة المحببة لدى المصريين صغاراً وكباراً إلى زمن الهكسوس حيث كان هناك معتقد عند المصريين أن النبات الذى ينمو على ضفاف النيل و اسمه “خية” هو نبات سام، فكانوا يخافونه ولا يقتربون منه.
حتى دخل الهكسوس مصر وتعمدوا إذلال المصريين و إهانتهم و أجبروهم على أكل هذا النبات الذى يسمى “خية ” وقالوا لهم ملو خية أى “كلو الخية”، ولكن عندما أكلها المصريون جبراً وجدوا طعمها جميل وغير سامة بعكس ما كانوا يعتقدون، وهو ما بدأ أسطورة الملوخية فى حياة المصريين، قبل الوصول لزمن التقلية والطشة والشهقة وباقى الإضافات.
الملوخية فى عهد الفاطميين:
أما فى عهد الدولة الفاطمية يروى لنا التاريخ حكايتان مع أكلة الملوخية:
القصة الأولى حينما علم الحاكم بأمر الله بالفوائد الصحية لنبات الملوخية قرر أن يشيع فى القاهرة أنها نبات سام حتى يبتعد عن تناولها عامة الشعب ،حتى يستأثر بفوائدها لنفسه كما يقول عنه التاريخ.
والقصة الثانية عندنا أصاب المعز لدين الله ألم شديد بالمعدة فنصحه الأطباء بتناول الملوخية ،و بالفعل شفى بعد أكلها فحرمها على الشعب ليستأثر بأكلها لنفسه ولحاشيته حتى أنه أسماها “ملوكية” أى أنها أكلة الملوك ،ومع الوقت تم تحريفها إلى ملوخية ،وبعد انتهاء حكم المعز لدين الله وانتهاء الدولة الفاطمية بأكملها ،أصبح للملوخية مكانة كبيرة عند المصريين يقومون بطهيها فى الأعياد والمناسبات المحببة لهم وفى الأيام العادية ايضاً.