اقتصاد

العجز المائي يحاصر التنمية والأمن الغذائي

  • خبراء ومنظمات: نصيب الفرد سيهبط إلى 350 مترًا مكعبًا (مجاعة مائية) ما لم تتم المواجهة

  • العجز المائي حاليا ٤٢ مليار متر مكعب سنوًيا ونقلله إلي ٢٢ مليارًا ببعض الحلول

  • دراسة: استيراد الغذاء ينقذ مصر بحلول 2050

  • نستورد حوالى 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية سنويًا

  • د. علي إسماعيل: إدارة منظومة المياه لابد ان تتغير من “الوفرة” الي “الندرة”

رضا رفعت

الماء قاطرة التنمية والحضارة، ومهد النمو والازدهار، ولا حياة دونه لجميع الكائنات، والحضارة المصرية القديمة خير شاهد علي ذلك.. ولكن النمو السكاني السريع والآثار السلبية المتوقعة للتغيرات المناخية، ومحدودية موارد المياه– جوفية وأمطار-، وثبات حصتنا من مياه نهر النيل منذ نحو 60 عامًا، و”الإهدار” وتخلف تقنيات الانتاج الزراعي والاستخدام المنزلي، كلها عوامل أدت إلى دخول مصر مرحلة الفقر المائى، وزاد سد النهضة حجم المشكلة المستقبلة، ليزداد انخفاض نصيب الفرد من المياه والأرض الزراعية وزيادة معدل استيراد احتياجات الغذاء.

الإحصائيات والدراسات تؤكد أن نصيب الفرد 2526 مترًا مكعبًا عام 1947 (وفرة مائية)، ولكنه وصل إلى 643 مترًا مكعبًا عام 2013 (فقر مائي) بنسبة 60.3% ، وبدأت دخول مرحلة الفقر المائي المدقع منذ 2018، ومن المتوقع بلوغه 575 مترًا مكعبًا عام 2025.. وقد حدد تقارير الأمم المتحدة، الحد الأدنى لاحتياجات الفرد من المياه في كافة المجالات 1000- 1700 م3/سنة، واعتبرته حد الفقر أو الندرة المائية.
وأوضحت أنه إذا كان نصيب الفرد 500- 1000م3 سنوياً، يكون في منطقة شح المياه المزمن، بينما منطقة الشح المطلق إذا ما قل نصيبه سنوياً عن 500م3.
وقد توقعت دارسة لمعهد التخطيط القومي، وصول عدد سكان مصر إلى 114 مليون نسمه عام 2030، و 125.9 مليون عام 2050. وحذر تقرير للمركز القومي لبحوث المياه من تعرض مصر لمجاعة مائية عام 2050. وسبقته عدة تحذيرات من خبراء ومنظمات عدة على رأسها الأمم المتحدة، حيث أكدت أن نصيب الفرد سيهبط إلى 350 مترًا مكعبًا سنويًا. أي مجاعة مائية ما لم تتوفر الإرادة والفعل على مواجهتها.
  • مياه افتراضية

وقال الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، فى تصريحات له، إن نقص حصة مصر من مياه النيل بـ 1%، سيؤدي إلى فقدانها نحو 100 ألف فدان. ومصر تعانى بالفعل عجز فى المياه يصل إلى 21 مليار متر مكعب فى السنة، ويتم تعويضه بإعادة استخدام مياه الصرف الصحى على نطاق واسع، كما نستورد نحو 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية سنويًا من أجل سد الفجوة الغذائية.
  • إسرائيل…
وأكد تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان؛ أن هناك عدة مشروعات أنشأتها إسرائيل للتأثير على مياه النيل. وكشف الدكتور محمد إبراهيم جاد، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء، أن مصر فقدت خلال العقود الثلاث الأخيرة نحو 20 مليار مترًا مكعبًا، استطاعت إسرائيل سحبها من خزان المياه الجوفية بسيناء، منهم نحو 30 مليون مترًا مكعبًا من مياه السيول على مدار الـ 5 سنوات الماضية.
  • خسارة فادحة
وبعض الدراسات أكدت أنه إذا حدث انخفاض في حصة مصر المائية بمقدار 5 مليارات متر مكعب سنويًا، فإن القطاع الزراعي سيخسر نحو 75 مليار جنيه، وإذا بلغ الانخفاض 10 مليارات متر مكعب فإن خسائره ستصل إلى 150 مليارًا في السنة.
ومصر الآن تعانى من فجوة غذائية فى أغلب المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة والأرز والفول البلدى والعدس، وكذلك المحاصيل الزيتية ووصلت الفجوة الغذائية لنحو 60٪ من حجم الإنتاج وهو ما يتطلب بحسب الخبراء زراعة 10 ملايين فدان إضافية تحتاج إلى 60 مليار مترًا مكعبًا مياه.
وقال الدكتور نادر نورالدين، أستاذ موارد المياه بجامعة القاهرة، أن سد النهضة ما هو إلا جزء من مشاكل مصر المائية، لأننا نعاني من الفقر المائى؛ فموارد مصر المائية تبلغ ٦٢ مليار متر مكعب سنويًا؛ منها 55.5 مليار متر حصتها من نهر النيل، و5.5 مليار مياه جوفية نستغلها في زراعة الصحاري وللشرب، ونحو 1.3 مليار م3 من الأمطار التي تسقط فوق أراضي الدلتا ونستغلها في الزراعة؛ وبالتالي فنصيب الفرد في مصر يبلغ ٦٠٠ متر مكعب فقط سنويًا وسيقل عن ٥٠٠ متر قبل عام ٢٠٥٠ وندخل في حد الشح المائي المزمن والمدقع والعميق.
 وأضاف “نورالدين”: يلزمنا ١٠٤ مليارات متر مكعب حتى  يعيش الفرد فوق حد الشح المائي وبالتالي يصل العجز المائي حاليا الي ٤٢ مليار متر مكعب سنوًيا وتتم إعادة استخدام ٢٠ مليار متر مكعب من مياه المخلفات للصرف الزراعي والصناعي والصحي فنقلل العجز إلي ٢٢ مليار ، وهو عجز مائي عميق وخطر، وعلينا ان نبحث عن موارد مائية ضخمة لسده وقبل أن نصل إلي ٧٥ مليارا عجزا صافيا عام ٢٠٥٠.
بينما قال الدكتور علي اسماعيل، وكيل معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة:  تشهد مصر مشروعات تنموية متكاملة وشاملة.. وبالتالي فإن إدارة منظومة المياه لابد ان تتغير من “الوفرة” الي “الندرة” وتشجيع البحث العلمي في مجال ترشيد الاستخدام للمياه والطرق الغير تقليدية لتحلية المياه للوصول الي اقصي استفادة من المتر المكعب من المياه.
وأضاف ” إسماعيل”: زيادة الانتاج مع النمو السكاني الرهيب علي ارض الكنانة يشكل عبء رهيب علي الموارد المائية التي تتعرض لكثير من النقصان مع ثبات حصة مصر وزيادة الاحتياجات المرتبطة بالتحضر والتنمية العمرانية المنتشرة في ربوع البلاد من خلال انشاء مدن جديدة وحديثة مع تطور طبيعي للسلوك البشري والحضاري يختلف عن الخمسينات والستينات بعد امداد القري بشبكات مياه الشرب والصرف الصحي ما زود الضغط علي طلب المياه النظيفة لها مع تعاظم أراء البعض عن عائد المتر المكعب من المياه في الصناعة مقارنة بالزراعة والاسكان.
وحسب دراسة حديثة نشرتها صحيفة “استدامة الطبيعة”، سيصبح استيراد الغذاء من الدول صاحبة الفوائض المائية الضخمة هو الخيار المتاح لمصر لإطعام شعبها.
ومقال بعنوان: ” الاحترار العالمي القادم يجعل مصر ملزمة باستصلاح كامل أرضها الجديدة لتتمكن من إطعام نفسها”، نشرت وكالة بلومبرج، أكد أن مشكلة ارتفاع درجات الحرارة ستتفاقم خلال العقود الثلاث القادمة للحد الذي يجعل تحقيق هدف استصلاح الصحراء المصرية صعب المنال.
و قالت الدراسة: صور الأقمار الصناعية كشفت أن توسع مصر في استصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية في منطقة شرق العوينات. مع الاعتماد على استيراد الغذاء من الخارج سيكون الحل الأمثل لمصر مع تزايد التعداد السكاني فيها بشكل متواصل.
 
 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights