حضارة وتاريخ

الحلقة السابعة عشر من المسحراتي “أسد الدين شيركوه”

 

كتب: أحمد عثمان عوض

اتولد شيركوة في أرمينيا سنة 500 هجرية

وشيركوه اسم فارسي-كردي معناه: أسد الجبل، حيث ان كلمة شير تعني أسد وكوه تعني جبل، وهو قريب من لقبة العربي وهو أسد الدين، نشأ شيركوه هو وأخوه نجم الدين أيوب

نجم الدين أيوب يبقي والد صلاح الدين الأيوبي

 

يعني أسد الدين يبقي عمه… نجم الدين كان أكبر سنا من أسد

وكان بيغلب علي شخصيتة العقل والحكمة والصبر

في حين ان أسد الدين كان عامل زي الشهاب الحارق اللي كان دمة حامي وما بيصبرش علي الإساءة او العدوان والظلم وانتهاك الحرمات

نسيت اقول ان والد أسد ونجم يبقي شاذي والراجل دة كان نقيب قلعة تكريت اللي موجودة في العراق

.. ودة اللي حيخلية…..

 

التحق أسد الدين وأخوه نجم الدين بخدمة الأمير ‘بهروز’ قائد شرطة بغداد، الأمير ‘بهروز’ أعطاهم قلعة تكريت، فسارا في الناس سيرة حسنة، وحصلت حادثة كدة سنة 526 هجرية

 

خلاصتها أن أسد الدين ونجم الدين كانو ساعدو الأمير البطل ‘عماد الدين زنكي’ لما وصل إلى تكريت منهزماً في قتاله ضد بعض خصومه بالخلافة..

 

قدم الأخوان لعماد الدين زنكي السفن اللازمة لعبوره هو وجنوده نهر دجلة إلى مدينة ‘الموصل’ بس الامير ‘بهروز’ ماعجبهوش الموضوع

 

لانة كان علي خلاف شديد مع ‘عماد الدين زنكي’ فلم يعجبه هذا الفعل من أسد الدين ونجم الدين وتربص لهما الدوائر وكان مستني اقرب فرصة لمعاقبتهما. كثرت التحرشات بنجم الدين وأسد الدين وأهلهم بقلعة تكريت من جانب جنود

 

الأمير ‘بهروز’ لحد ما جت الفرصة اللي هو مستنيها لما أتعرض واحد من العساكر لبنت من عائلة أسد الدين واشتكت البنت دي لعمها أسد الدين.. ابو دم حامي…

 

فا نزلة واتكلم معاة بجدة وعنف العسكري ماعجبهوش الكلام وسحب سيفة علي أسد الدين… طبعا حصلت مبارزة واتقتل العسكري دة

 

الأمير ‘بهروز’ طبعا امر بطرد نجم الدين وأسد الدين وأهاليهم من قلعة تكريت سنة 532 هجرية وللصدفة ان دي كانت نفس الليلة اللي اتولد فيها البطل صلاح الدين يوسف بن أيوب.

 

قرر الأخوان ساعتها التوجه إلى أمير الموصل ‘عماد الدين زنكي’ والالتحاق بخدمته، فسارا إليه والراجل استقبلهم احسن استقبال وشكر صنيعهما معه، وضمهما لأمرائه وقادته

 

وبالغ في إكرامهما وأقطعهما أقطاعاً حسناً، واصبح نجم الدين والي على بعلبك وأسد الدين من مقدمي جيوشه،

 

فعماد الدين زنكي كان خبيراً بمعادن الرجال، بصيراً بقدراتهم، قادراً على توظيفهم حسب ما يبرزون ويحسنون، فرأى في نجم الدين الرجل الحكيم العاقل القادر على السياسة والقيادة،

 

ورأى في أسد الدين القائد العسكري الشجاع القادر على تحويل دفة الحروب بشجاعته وإقدامه….

 

استمر أسد الدين شيركوه في خدمة عماد الدين زنكي، وحارب معه كل حروبه ضد الصليبيين وكان معه يوم فتح الرها وكان عماد الدين يحبه ويقدره لأنه كان مثله بطلاً

 

في سنة 541 هجرية حصل موقف مهم وخطير جدا

اتقتل عماد الدين وهو في معسكرة… وعلي الفور قام أسد الدين بدور في غاية الأهمية.. اللي هو حفظ معسكر المسلمين من الهرج والمرج الذي يحدث عادة عند مقتل القائد وبعدها

 

قام بإعطاء خاتم الملك الخاص بعماد الدين لابنة نور الدين محمود زنكي كناية عن خلافته لأبيه الشهيد

 

و قام بحراسة نور الدين محمود لحد ما وصل سالماً أمناً إلى مدينة ‘حلب’، فعرف نور الدين هذا الجميل لأسد الدين، واصبح من أقرب الناس إليه. ومن يومها أصبح أسد الدين شيركوه قائد جيوش نور الدين محمود أمير دمشق والشام الجديد وأصبح أخلص وأقوى أمراء الجيوش الشامية، ورجل المهام الصعبة الذي يعتمد عليه نور الدين محمود في النوازل وصعاب الأمور، وكان له المواقف المشهورة والبطولات المعروفة

 

كل اللي فات دة كانت مقدمة مهمة جدا وتعتبر أرضية نقدر نقف عليها عشان نفهم كل اللي حيحصل بعد كدة…

 

أسد الدين كان شايف ان لابد من استرجاع القدس وكان بيلح كتير جدا علي نور الدين زنكي اللي هو ملك دمشق.. بيلح عليه عشان يفتح مصر… ونور الدين كان شايف ان الوقت لسة مش مناسب لان الجيوش مشغولة بقتال البؤر الصليبية في الشأم ومش عاوز يفتح جبهة جديدة دلوقتي.. ولكن في نفس الوقت نور الدين ماكانش ناسي ابدا فتح مصر وكان شايف انه ضرورة ولكن كان منتظر الفرصة المناسبة

 

كانت الأوضاع في مصر مضطربة جدا علي الخلافة ما بين شاور وضرغام على منصب الوزارة

 

والخليفة العاضد الفاطمي ليس له من الأمر شيء،.. لا حول له ولا قوه يعني

 

وفي النهاية انتصر ضرغام على شاور وأخرجه من مصر فا شاور راح مستنجد بالملك العادل نور الدين محمود وضمن له ثلث إيراد مصر لو هو ساعدة على استعادة وزارته المفقودة،

 

نور الدين زنكي لقاها فرصة مناسبة تماما وجت له علي طبق من دهب عشان يفتح مصر ويضمها للشام ويوحد البلاد

 

فكلف قائد جيوشه أسد الدين شيركوه على أن يتوجه إلى مصر لذلك الغرض، ففرح الأسد جدا بالمهمة.. اللي هو اخيرا حيفتح مصر.. وبالفعل خرج من دمشق

واخد معاة مين باة في المهمة دي تلميذه النجيب وابن أخوة صلاح الدين الأيوبي واخد معاة ألف رجل بس.. الكلام دة كان سنة 559 هجرية

وصل أسد لمدينة بلبيس واشتبك مع جيش ضرغام وانتصر عليه ودخل القاهرة… وقضي علي ضرغام ورجع لشاور منصب الوزارة وانتظر في القاهرة لحد ما شاور يوفي بوعودة اللي وعد بيها نور الدين زنكي.. ولكن شاور غدر بيهم وقال لاسد ارجع دمشق.. انت مالكش عندي حاجة.. وهددة

 

طبعا أسد ماعجبهوش الكلام وقال لشاور انا مش حتحرك من هنا…

 

شاور راح مراسل الصليبيين بيستنجد بيهم… الصليبيين وقتها كانو عارفين ان أسد لو فتح مصر وضمها للشام حتبقي نهايتهم… فا لما شاور بعت يستنجد بيهم فرحو وماصدقو وعلي طول بعتو الجيوش وساعدهم شاور بأموال طائلة عشان ينصرهم علي بني دينه…

 

اجتمعت الجيوش الصليبية مع عساكر شاور وحاصروا الجيش الشامي وأسد الدين شيركوه في بلبيس ثلاثة أشهر وهو متحصن فيها مع أن سورها قصير جداً يقفزه الفارس بفرسه ومالهاش خندق ولا أي تحصينات، ومع ذلك ماقدروش يقتحموا المدينة من شدة خوفهم من أسد الدين شيركوه اللي فضل يقاتلهم

 

في نفس الوقت نور الدين عمل غارة على أملاك الصليبيين في الشام وفتح تل ‘حارم’

 

ودي اتكلمنا عليها في بوست منفصل من فترة قريبة

 

فخاف الصليبيون على باقي أملاكهم وراسلوا أسد الدين في الصلح على أن يخرج كل منهم ومن الشاميين إلى بلادهم فوافق أسد الدين…..

ورجع علي دمشق… واتكلم مع نور الدين زنكي عشان يرجع لمصر تاني وفعلا وافق نور الدين ورجع أسد الدين شيركوة علي مصر وكان معاة المرة دي 2000 فارس… ودخل مصر بسرعة وخفة لان جيشة كان خفيف وقليل العدد..

وصل للصعيد وفتحها.. طبعا شاور عرف وراح مراسل الليبيين تاني يستنجد بيهم… وفعلا رجع الصليبيين بسرعة لمواجهة أسد الدين..

 

وحصلت المواجهة وحاصر أسد الدين الصليبيين بذكاء وعمل لهم كمين وطوقهم في دايرة مقفولة وقتلهم…

 

المقريزي في كتابة السلوك.. بيقول ان المعركة دي شهدت انتصار غير طبيعي وسهل جدا ومقتلة عظيمة من قوات الصليبيين…

 

المهم.. اهل اسكندرية استنجدو بأسد الدين اللي كان معاة ابن أخوة بالمناسبة صلاح الدين.. فا ارسل صلاح الدين للاسكندرية وكمل هو علي الصعيد عشان يفتحها كلها..

في الوقت دة الصليبيين حاصرو قوات صلاح الدين مدة تسع شهور تقريبا… واستنجدو بأسد الدين اللي رجع طبعا للاسكندرية… واول ماوصل الصليبيين خافو منه وعملو معاهدة صلح

 

و كالمعتاد شاور خان أسد الدين تاني… واتفق مع الصليبيين علي انه يدفع لهم 100الف دينار شهري كتمويل ليهم عشان يقدرو يوفرو السلاح اللي يحاربو بية أسد الدين…

 

أرسلت الحامية الصليبية إلى ملك بيت المقدس الصليبي ‘أملريك’ تعرفه أن الأوضاع مهيئة في مصر لدخول القوات الأجنبية. حشد ‘أملريك’ جيوشه وانطلق إلى مصر بأقصى سرعة وكانت مدينة ‘بلبيس’

 

أولى محطاته حيث قام الصليبيون هناك بمجزرة مرعبة لأهل المدينة كلها بحيث لم يتركوا منها أحداً..

 

نفس الكلام اللي اتعمل في القدس نفس البربرية الوحشية، ثم نزلوا إلى القاهرة وضربوا عليها حصاراً شديداً، فأقدم الخائن شاور على فعلة

 

في غاية الحقارة والذلة حيث أقدم على حرق القاهرة ليرجع عنها الصليبيون، وفضلت النار تأكل القاهرة 54 يوماً فأرسل الناس وعلى رأسهم العاضد الفاطمي إلى نور الدين يستغيثون به من الصليبيين والوزير الخائن شاور…

رسالة العاشد كان كاتب فيها

 

: “أدركني واستنقذ نسائي من أيدي الفرنجة”

 

المرة دي باة نور الدين ارسل أسد الدين ومعه صلاح الدين بجيش كبير ، فلما سمع الصليبيون بقدومهم خرجوا من الديار المصرية خوفًا من أسد الدين…

 

المؤرخين قالو ان أسد الدين قطع المسافة بين الشام لمصر في يوم واحد عشان يلحق يغيث الناس في مصر ولم يتفق هذا لأحد من الناس سوى الصحابة، ففرح نور الدين بذلك جدًا واستبشر بالفتح

 

وبالفعل دخل أسد الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564هـ، فوجد الصليبيين قد هربوا من مصر ووجد شاور الخائن نفسه ادام أسد الدين اللي اعدمة

 

لخيانته المتكررة للإسلام وأهله، وخلع عليه الخليفة العاضد وعينه وزيرًا مكان الخائن شاور، وقبل أسد الدين ذلك كخطوة على طريق إزالة العبيديين من مصر.

 

ودي كانت نهاية الدولة العبيدية للأبد من مصر

 

وبدأ أسد الدين يعمل على إزاحة العاضد من الخلافة وإسقاط دولة بني عبيد، وبدأ في تنظيم الأمور وعين العمال وأرسل النواب وأقطع الإقطاعات، ولكن أمر الله عز وجل كان أسرع من تخطيطه

 

، فمات رحمه الله فجأة لخنق حصل له في حلقه في 22 جمادى الآخرة سنة 564هـ، بعد أن مكث في الولاية شهرين وخمسة أيام، فجزاه الله عنا كل الأخير ورحمه الله تعالى.

 

قالوا عن أسد الدين شيركوه

 

يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء عنه: كان أحد الأبطال المذكورين ، والشجعان الموصوفين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights