ومن الكره ما قتل …سبة في جبين الإعلام
بقلم / ضياء الدين اليماني
المجال الإعلامي كأي مجال العامل فيه معرض للخطأ والوهم ؛ لكنه الخطأ في هذا المجال ليس كالخطأ في غيره ؛ إذ أن الإعلامي يتعامل مع أخبار الناس والمجتمع ؛ كما أن الإعلامي يتابعه الآلاف بل الملايين من الناس وهو مصدر تلقي الأخبار عندهم ؛ ولذلك فالأصل فيه الصدق والأمانة في تحري الأخبار ؛ خاصة التي تتعلق بأعراض الناس وسمعتهم ؛ وإن كان هذا الأمر مطلوب من الجميع فهو من العاملين في مجال الإعلام أكثر إلحاحاً وطلبا .
وإذا ما تخلى الإعلامي عن مهنيته وميثاق الشرف الإعلامي ؛ فلا تسل ساعتها عن كم الفساد الذي يصيب المجتمع ؛ نتيجة فساد إعلامي واحد مسموع الكلمة بين الناس .
ومن أهم ما يجب أن بتصف به الإعلامي بعد التحري عن الخبر والتدقيق فيه ؛ الموضوعية وعدم التحيز وتنحية مشاعره جانباً قبل نشر الخبر ؛ عليه أن يبتعد تماماً عن ” بلع الظلط ” لمن يحب ” وتمني الغلط لمن يكره ” لأن هذا الأسلوب يكون على حساب فساد المجتمع وزرع الإشاعة بين أفراده أو على الأقل تضخيم الشأن الحقير وتحقير الشأن العظيم حسب الهوى والمزاج .
وعندما يقود الإعلامي كرهه فلا تتعجب أن تراه يبحث عن كل خبر يشوه من يكرهه ؛ لينشره ويضخمه ويكيل الانتقادات لمن يكرهه مستغلاً خبرا ولو كان صحيحاً لكنه ما نشره بهدف البيان وإنما بهدف دس الكذب والبهتان .
وإذا أردت أن تتأكد من تحيز ذلك المحسوب على الإعلام ؛ فعليك فقط أن تلاحظ كلماته في حق من يكره ؛ فلو نشر عنه خبرا صحيحاً في وقته كاتهام بجريمة تراه يرغي ويزبد ويتحسر على المجتمع الذي كثرت فيه المفاسد ؛ فإذا ما ثبتت براءة من يكرهه من التهمة التي نسبت إليه ؛ تراه وكأنه من سكان ” الواق واق ” أعمى …أصم …أبكم …لا يسمع ولا ينطق ولا يرى ولا يكلف نفسه باعتذار المنصفين إن أخطأوا يوماً في نقديرهم ؛ إنه التعصب الذي يعمي ويصم يصدق فيه قول الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ……لكن عين السخط تبدي المساويا
إن الإعلامي لا يختلف عن رجل الدين الذي يرتقي المنبر أو مكان الوعظ في كنيسة لا يجوز له أن يتخذ من هذه المنابر وسيلة لتصفية حساباته أو تبرير الجرائم أو تجريم المحاسن لبغض هذا أو حب ذاك .
أكتب هذا بعد صدور حكم محكمة طما المستأنفة ببراءة السيدة فريدة سلام رئيس مجلس مدينة طهطا من دعوى أثيرت ضدها شغلت الرأي العام في طهطا وطما ؛ رأينا فيها نماذج لهذا الخلل الذي تحدثت عنه ؛ فقرأت لمن أقام الدنيا وأقعدها وهلل لحكم محكمة الدرجة الأولى بالحبس والغرامة ؛ لكن هؤلاء صمتوا صمتوا صمت القبور عن مجرد نشر خبر البراءة في صفحاتهم وصحفهم التي تقيئوا فيها من حقدهم وكراهيتهم .
أخيرا … الإعلام عين على المجتمع فلا يليق أن تكون هذه العين مصابة بالرمد فضلا عن أن تكون حولاء أو عمياء