الأبريه المشروب الأول في شهر رمضان بالنوبة .. بقلم :حمدى حسن عبد السيد
الأبريه المشروب الأول في شهر رمضان بالنوبة .. بقلم :حمدى حسن عبد السيد
وتبدأ السيدة النوبية قبل قدوم شهر رمضان بأسابيع قليلة، في إعداد المشروب الأشهر وهو “الأبرية” لأنه يروى العطش عقب صيام طويل في الطقس الساخن بالنوبة.
فى النوبة يختلف بعض الطقوس عنه فى أى مكان آخر، ويتفق فى الطقوس المرتبطة بالشهر الكريم فأبرز ما يميز رمضان فى النوبة فلا يخلو منزل منه حتى المهاجرون بالمدن الكبرى كالقاهرة والاسكندرية فهو ضيف شرف الموائد لدى النوبى انه مشروب «الأبرية» وهو عبارة عن رقائق من العيش الأبيض الناشف، يكسر إلى قطع صغيرة ويوضع فى عصير الليمون ويقدم على الإفطار،بعد تناول تمرات البلح الاسوانى والتى من أشهرها ( القنديلة والبرتموده والمالكابى والسكوتى كذلك الكركديه والتمر هندى من المشروبات الأساسية فى رمضان لدى النوبى.
والابرية هذا مشروب صيفى يقدم للضيوف وقت الظهيرة ليرتوي من عطش الصيف وما إن يحل موعد أذان المغرب حتى يتم تجهيز الموائد.. وتخرج صوانى الطعام من كل بيت فى الشارع النوبى، استعداداً للإفطار، فيجلس الجميع معاً لا يعلم أحد من أى بيت يأكل، فجميع البيوت بيت واحد، ذلك أبرز تقليد يحرص عليه أهل النوبة حرصاً على التواصل والتآخى وأملاً فى أن يمر غريب فيحظون بثواب إفطار صائم، ومن الأكلات التى تشتهر بها النوبة «الكابد» وهى عبارة عن عجينة القطائف، ولكنها أكبر فى الحجم وأكثر سمكاً من القطائف العادية، وأكثر الأكلات التى تقدم معها البامية «الويكة» والملوخية «الأتر»، ويستخدم فيها أوراق الخبيزة بدلاً من الملوخية، ويقوم النوبيون بصنعها بأيديهم، أما خارج النوبة فهناك من النوبيين من لديه الفرن الخاص بصنعها، وهناك محال أيضاً موجودة فى مناطق فى القاهرة مثل عابدين تقوم بعملها، معروف لدى النوبيي.
و«الكابد» وجبة نوبية تحرص سيدات النوبة على الحفاظ عليها كاكلة شعبية من أرض النوبة القديمة، حيث تقوم السيدات بتصنيعه وتقديمه ضمن الوجبات اليومية خلال الشهر الكريم ، ويتم تصنيع خبز الكابد ” من الماء والدقيق مع اضافة الملح والخميرة ثم يترك ليتخمر، ثم يتم خبزة بطريقة معينة تحتاج الى خبرة شديدة من السيدات النوبيات لأنه يخبز على الدوكة الحديدية التى يوقد من اسفلها النار.
جاء حرص نساء وسيدات النوبة فى الحفاظ على هذه العادة النوبية فى الطعام باعتبارها إرث الأجداد والآباء على الرغم من مرور أكثر من 100عام على هجرات النوبة من مناطقهم القديمة خلف السد العالى إلى المناطق التى يقيموا بها الآن داخل مدينة أسوان وقرى مركز نصر النوبة، معتبرين أن ذلك ارث لا يمكن الاستغناء عنه ، مثل اللغة النوبية والتى يهدفون منها الى الترابط والتراحم بينهم.
وفى النوبة مفيش تعليق للزينة والفوانيس، لكن العادة الشائعة بعد الفطار هو ذهاب السيدات والرجال لصلاة التراويح،
الكنافة والقطايف، حلويات ماكانتش موجودة فى النوبة زمان، لكن كان أهم حاجة هو البلح بأنواعه المختلفة، خاصة العجوة وكنا بنحطها فى بلاص من السنة للسنة فتكون مثل المربى.
ومن ضمن المعارك والفتوحات العظيمة التي حفل بها شهر رمضان المبارك معركة فتح النوبة التي حدثت في العام الحادي والثلاثين من الهجرة النبوية المباركة، والتي كان من أهم آثارها معاهدة القبط التي كانت فاتحة خير على المسلمين في البلاد الأفريقية.
وللنوبة نصيب الاسد فى حرب العاشر من رمضان عندما انتصرت مصر وحررت سيناء من اليهود فكان الرقيب احمد ادريس والذى كرمه السيد الرئيسعبد الفتاح السيسى فهو صاحب فكرة الشفرة باللغه النوبية اثناء الاستعداد للحرب وتوصيل المعلومات العسكرية بين الجنود المصريين.
ويجتمع ابناء النوبة بالمدن الكبرى مثل القاهرة والاسكندرية والسويس والاسماعيلية فى حفلات افطار جماعية ينظمها الجمعيات والاندية النوبية وذلك للتواصل والصلة الارحام ولاحياء تقليد نوبى حيث يستعيدون الذكريات وطبعا الابرية والكابد هما القاسم المشترك فى هذه الاحتفالات مع الوجبات الشرقية.
ان شهر رمضان فرصة لابناء النوبة فى احياء موروثات عديدة وعادات يحاولون التمسك بها رغم التقدم التكنولوجى وتغير الظروف والمكان