هل يجوز عمل عقيقة واحدة لـ3 أطفال؟ أمين الفتوى يجيب ويوضح الشروط
مقدمة: فرحة المولود وأحكام العقيقة
من الأسئلة التي تشغل بال الكثير من الآباء والأمهات الذين رزقهم الله بتوأم، هو حكم عمل عقيقة واحدة لثلاثة أطفال، وهل تجزئ ذبيحة واحدة عنهم جميعًا أم لا بد لكل مولود من ذبيحة مستقلة؟ تُعدّ ولادة طفل جديد من أعظم النعم، ومواكبةً لهذه الفرحة، شرع الإسلام شعيرة “العقيقة” كشكر لله وإعلان للبهجة.
في هذا المقال عبر “الدليل نيوز”، نستعرض بالتفصيل الحكم الشرعي لهذه المسألة، مستندين إلى فتوى دار الإفتاء المصرية، مع شرح وافٍ لشروط النسيكة الصحيحة، ومقدارها، والحكمة من تشريعها، لنقدم لكم دليلاً شاملاً يساعدكم على إتمام هذه السنة النبوية المباركة على أفضل وجه.
الحكم الشرعي في العقيقة المشتركة: دار الإفتاء توضح
للإجابة على هذا التساؤل المحوري، أوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الدكتور محمد وسام، أن الأصل في السنة هو أن يُعَقَّ عن الغلام شاتان، وعن الفتاة شاة واحدة. وأكد فضيلته أن العقيقة هي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليست فرضًا، بمعنى أن من لم يقم بها لا يأثم، خاصةً إن كان غير قادر ماديًا.
وأضاف أنه في حال كان الشخص غير مقتدر، فإن “أصل السنة” يتحقق بذبح شاة واحدة عن الولد. أما في حالة ولادة أكثر من طفل، فإن الأكمل هو ذبح شاتين عن كل طفل منهم.
ولكن، من باب التيسير ورفع الحرج، أجاز أمين الفتوى أن تذبح ذبيحة واحدة بنية العقيقة عن المواليد الثلاثة، قياسًا على تداخل النيات في العبادات، وبذلك يحصل الأبوان على ثواب أصل السنة، ويكون الأجر على قدر النية والوسع.
ما هي العقيقة وما الحكمة من تشريعها؟
العقيقة في الاصطلاح الشرعي هي “الذبيحة التي تذبح عن المولود”. وهي سنة مؤكدة حث عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما فيها من حكم عظيمة، منها:
- شكر النعمة: هي تعبير عملي عن شكر الله تعالى على نعمة الولد.
- فك الرهان: جاء في الحديث الشريف: “كل غلام رهينة بعقيقته تُذبح عنه يوم سابعه ويُحلق ويُسمَّى”، ومعنى ذلك أن صلاح الطفل ونشأته الطيبة مرتبطان بهذه السنة المباركة.
- إشاعة الفرح: تعد وسيلة لإطعام الطعام وإظهار البهجة بالمولود الجديد بين الأهل والفقراء، مما يقوي الروابط الاجتماعية.
شروط العقيقة، وقتها وكيفية توزيعها
لكي تكون الذبيحة صحيحة ومقبولة شرعًا، يجب أن تتوفر فيها الشروط الواجب توافرها في الأضحية:
- نوع الحيوان: تكون من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم).
- السن المعتبرة: ستة أشهر للضأن، وسنة للماعز، وسنتان للبقر، وخمس سنوات للإبل.
- السلامة من العيوب: يجب أن تكون الذبيحة سليمة من أي عيوب واضحة تضر باللحم.
وقت العقيقة وكيفية توزيعها
الوقت المستحب للعقيقة هو اليوم السابع للولادة، فإن لم يتيسر ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يتيسر ففي اليوم الحادي والعشرين، أو في أي يوم بعد ذلك حسب مقدرة الوالدين. أما عن كيفية توزيعها، فيُستحب تقسيمها أثلاثًا: ثلث لأهل البيت، وثلث للأقارب والأصدقاء على سبيل الهدية، وثلث للفقراء والمحتاجين كصدقة، وذلك لتعم البركة والفائدة.
مقدارها للولد والبنت
السنة الكاملة في المقدار هي ذبح شاتين عن المولود الذكر، وشاة واحدة عن الأنثى، وهذا رأي جمهور الفقهاء. ولكن، يتحقق أصل السنة بذبح شاة واحدة عن الذكر لمن لا يستطيع.
هل تغني القيمة النقدية عن الذبح في العقيقة؟
قد يتساءل البعض، خصوصًا في ظل الظروف المعاصرة أو للمقيمين في بلاد غير إسلامية، عن إمكانية إخراج قيمة العقيقة نقدًا وتوزيعها على الفقراء بدلاً من القيام بالذبح. وقد أكد جمهور العلماء والفقهاء على أن دفع القيمة النقدية لا يجزئ عن العقيقة ولا يقوم مقامها، لأن المقصد من هذه الشعيرة هو إراقة الدم كقربة لله وشكر له، وهو نسك مرتبط بالذبح نفسه، على غرار الأضحية والهدي. فالأصل هو إحياء السنة بفعلها كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والذبح جزء أساسي منها. وفي حال وجود صعوبة في تنفيذها في بلد الإقامة، يمكن للمسلم أن يوكل إحدى الجمعيات الخيرية الموثوقة أو شخصًا في بلده الأصلي للقيام بالذبح نيابةً عنه وتوزيع اللحم على المستحقين، وبذلك يكون قد أدى السنة وحقق المقصد منها.
الخلاصة: سعة الإسلام في أحكام المولود
إن الأصل في العقيقة أن تكون ذبيحة مستقلة لكل مولود تحقيقًا لأكمل صور السنة. ومع ذلك، من رحمة الإسلام وسعته، فإنه تجوز إقامة عقيقة واحدة لثلاثة أطفال لمن كانت ظروفه المادية لا تسمح، ويحصل بذلك على أصل ثواب السنة. المهم هو النية الخالصة لله وشكره على نعمته التي لا تقدر بثمن.
روابط ذات صلة:
لمزيد من المعلومات حول الفتاوى الشرعية، يمكنكم زيارة الموقع الرسمي الموثوق لـ دار الإفتاء المصرية.
