حضارة وتاريخ

كيف احتفل قدماء المصريين بعيد الأم .. يحترمون الأم حتى لا تشكوهم للإله

 

كتب الباحث الأثري : محمد حلاوة

يحتفل العالم اليوم بعيد الأم، وهو احتفال عالمي تحرص بعض الدول على الاحتفال به بشكل لائق كل عام تكريماً للأمهات في 21 مارس من كل عام؛ يقدم الأبناء الهدايا تعبيرا عن حبهم لها، وتكريمًا لما بذلته وتبذله في سبيلهم.

 

ورغم أن البعض قد يظن أن الاحتفال بعيد الأم قد ظهر في العصور الحديثة، إلا أن الدراسات أثبتت أن فكرة الاحتفال بعيد الأم، مصرية الأصل وقد ورد ذكر عيد الأم والنص عليه في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى وآثار مصر القديمة دليل على تقديس الأم ايضا تماثيل المعابد ونقوشها الرائعة تبرز هذه المكانة المتميزة للأم التى تحظى بالاحترام وجاءت نقوش كل مقابر الملوك والوزراء وحتى العمال والأفراد تحتوى على صورهم مع أمهاتهم وزوجاتهم، وكانت الصور تدل على التقدير الذى قدمه المصرى القديم لأمه وهكذا يعتبر قدماء المصريين أول من احتفل بعيد الأم كعيد مقدس ابتداء من الدولة القديمة.

 

اختار المصريون القدماء للاحتفال بعيد الأم آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدّة لبذر البذور أو بذور الحياة التى تبعث الحياة فى الأرض لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذى يهب الحياة والخصب والخير.

 

واتخذ المصريون القدماء عددا من الإلهات في عقيدتهم تعبر عن الأمومة بمعناها الواسع فكانت الإلهة إيزيس تعتبر رمزا للأمومة والتي كثيرا ما صوروها جالسة ترضع ابنها حورس،وهناك الإلهة حتحور ربة الأمومة والحب وكذلك الربة تاورت، والربة نوت.

 

وكانت “إيزيس” هي أم لجميع المصريين ورمز لمصر وكان الإحسان إليها والتقرب لها من الأعمال الجليلة، واعتبرت “إيزيس” رمز الأمومة والمثل الأعلى لكل أم حيث صورت جالسة تحمل وليدها “حورس” وهو يلتقم ثدي أمه ليرضع منها سائل الحياة، وكان لـ “إيزيس” عيد سنوي يحتفل المصريون بها وهو أقدم عيد أم في الوجود وكان يحتفل به في مواكب الزهور تطوف المدن المصرية حيث حمل ذلك اليوم العديد من الأسماء منها يوم الأم المقدسة ويوم أم الوجود ويوم الأم الجميلة.

 

 

من أهم القيم الإنسانية فى الحضارة المصرية القديمة الاعتراف بأهمية دور الأم وتقديرها، فكانت للأم مكانة عالية ومنزلة رفيعة باعتبارها منبع الحياة ورمز الحنان والتضحية من أجل أسرتها وأولادها الأمر الذى جعل لها ذلك الدور المؤثر فى تكوين المجتمع المصرى القديم عبر تاريخه الطويل وتعد بردية “آني” من أكثر البرديات التي أظهرت احترام الزوج لزوجته، فبها ينصح ذلك الحكيم أبنه بطاعة أمه واحترامها، لأن الرب هو الذي أعطاها له وقال((أطع أمك واحترمها، فإن الإله هو الذى أعطاها لك، لقد حملتك فى بطنها حملا ثقيلا ناءت بعبئه وحدها، دون مساعدة وعندما ولدت قامت على خدمتك أم رقيقة لك، ثم أرضعتك ثلاث سنوات، وأرسلتك إلى المدرسة كى تتعلم الكتابة، وفى كل يوم كانت تنتظرك بالخبز والجعة فى بيتها، فإن أنت شببت وتزوجت واستقررت فى دارك. فتذكر أمك التى ولدتك.. لا تدعها تلومك وترفع كفها إلى الإله فيسمع شكواها.

 

كما عثر على بردية للدولة القديمة يحتفل من خلالها بعيد الأم،وجاء فى البردية((اليوم عيدك يا أماه، لقد دخلت أشعة الشمس من النافذة لتقبل جبينك، وتبارك يوم عيدك، واستيقظت طيور الحديقة مبكرة، لتغرد لك فى عيدك وتفتحت زهور اللوتس المقدسة على سطح البحيرة لتحيتك، اليوم عيدك يا أماه فلا تنسى أن تدعو لى فى صلاتك للرب)).

 

 

كان للأم في مصر القديمة دور مؤثر وفعال في تكوين الأسرة والمجتمع المصري القديم عبر تاريخه الطويل الحضارة المصرية احتفظت بأسماء أمهات مثاليات واللائى لعبن دورا بارزا في التاريخ المصري في لحظة فاصلة من التاريخ المصري أبرزهم الملكة «اعح حتب» زوجة «سقنن رع» الذي استشهد في حربه ضد الهكسوس وأم كامس وأحمس التي أوصته ألا يعود إلا بالنصر وقامت ببث الروح المعنوية نفوس المصريين حتى حدث النصر فاهدها أحمس أرفع وسام عسكري وهو وسام الذبابة وهي أول امرأة تحصل عليه.

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights