حضارة وتاريخ

“هنا القاهرة ” قصة أشهر كلمات الإذاعة

 

كتب : أحمد عثمان عوض 

هنا “القاهرة” أشهر كلمات الإذاعة وأول كلمة انطلقت من الإذاعة المصرية في افتتاحها 1934ومازالت تترد فى بعض البرامج إلى الآن “الراديو” الصندوق السحري الذي عاصره أجيال عديدة شاهدًا على تاريخ مصر الوسيلة الوحيدة التي جمعتهم وجذبتهم نحوها بغض النظر عن اهتمامته .

 

“الراديو”كان مسئولًا عن إعلام الشعب بكافة الأخبار والمعلومات حتي قبل صناعة التليفزيون أو وجود مواقع تواصل اجتماعى أو شبكات الإنترنت ،بدأت الإذاعة بثها تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 31 مايو1934 بتلاوة قرآنية للشيخ محمد رفعت ثم حفل افتتاح لأم كلثوم والمطرب صالح عبد الحى ،ومحمد عبد الوهاب وقصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي وألقى الشاعر علي الجارم قصيدة بصوته تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك مصر والسودان والمونولوجست محمد عبدالقدوس.

ومن أشهر مذيعى الإذاعة المصرية أحمد سالم أبن محافظة الشرقية أول مذيع وأحمد سعيد أشهر مذيع في حقبة الخمسينات والستينات

 

ترأس إذاعة صوت العرب في عهد الرئيس جمال عبد الناصر من سنة 1953إلى1967 وأعتبرت إذعة صوت العرب فى عهده من أهم الإذاعات العربية في تلك الحقبة وقدمت الإذاعة عدة برامج لاقت اهتمام الجمهور منها”ساعة لقلبك، على الناصية،كلمتين وبس،همسة عتاب، ربات البيوت،غنوة وحدوتة،لغتنا الجميله.

 

الإذاعة المصريةلم تكن أولى الإذاعات بشكل عام فقد سبقتها عدة إذاعات محلية وإقليمية بدأتالظهور من عشرينيات القرن الماضى لكن أولى تلك الإذاعات كانت هناك قصة غرام وراء ظهورها كان هناك قصة حب شديد بين الشاب”رونى” وهو مهندس شاب يونانى مقيم بمصر وبين “ريتا”وهى فتاة إيطالية تعيش بمصر،ولإتمام زواجهما وضع أهل ريتا شرطا وهو ضرورة أن يصبح رونى رجل أعمال بدلا من موظف حتى يضمنوا مستقبل ابنتهم وكان “رونى” مولعا باللاسلكى وفكر حينها فى إنشاء محطة إذاعية بمنزله لكى يتصل من خلالها بـ”ريتا” وفعلا أنشأ محطة إذاعية أطلق عليها “مجازين إجيبسيان”، وهو نفس اسم المجلة التى تقرأها حبيبته “ريتا”بشغف وأخذ فى إذاعة الأغانى الإيطالية العاطفية التى تحبها ومع مرور الوقت انتشر خبر تلك المحطة فاستغلها رونى فى إذاعة الإعلانات وأصبح بذلك رجل أعمال مرموق وتزوج ريتا وبذلك كان حبهما سببا فى دخول أول إذاعة أهلية مصر 1924م ،وبداية دخول ما يسمى بالإذاعة إلى مصربحسب كتاب “دليل الأوائل” للدكتور إبراهيم مرزوق.

 

قصة أخري لإذاعة اقليمية 1927كان “حبشى جرجس” قد عاد من إنجلترابعد أن أمضى بها 5 سنوات أتم فيها دراسته للهندسة اللاسلكية وعاد ومعه مجموعة من أجهزة الراديو تدور بالبطارية وراح يهديها لأصدقائه ولكنهم لم يهتموا بها فلم تكن هناك محطة إذاعة عربية يستمعون إليها لم يكن فى مصر وقتها سوى 400 جهاز راديو يملكها الأثرياء الأجانب يستمعون منها إلى محطات الإذاعة الأجنبية التابعة للمحتل .

فكر حبشى فى إنشاء محطة محلية لكنه لم يكن يمتلك ما يتيح له إستيراد محطة من الخارج لجأ حبشي لوكالة البلح باحثا عن أجزاء محطة من مخلفات جيوش الحرب العالمية الأولى وفى محل إلياس شقار بوكالة البلح عثر على بعض الأجهزة التى تنفعه كانت فى طريقها للصهر وإعادة سبكها أدوات منزلية صارح حبشى صاحب المحل إلياس بحاجته لهذه الأجهزة لإنشاء إذاعة محلية لكنه لا يمتلك ثمنها ،وافق إلياس على منح حبشى الأجهزة بالإضافة إلى 600 جنية على أن يصبح شريكا فى محطة الإذاعة.

 

 

 

وفى شارع فؤاد بشبرا فى منزل الشريك إلياس إكتملت المحطة الإذاعية وبعد تجارب كثيرة ومرهقة نطقت الإذاعة لأول مرة وإختار الشريكان شقة بشارع الجيش قرب ميدان القبة لتكون مقرا لأول محطة أهلية.

 

دب الخلاف بين الشريكين على الإدارة فإنسحب إلياس وحل محله كلا من الدكتور أحمد فريد الرافاعى”مدير المطبوعات لاحقا”وإسماعيل وهبى” شقيق يوسف وهبى”وإنتقلت المحطة إلى منزل الدكتور الرفاعى فى شارع النجوم بحدائق القبة كان الإشتراك فى المحطة نصف ريال ووصل الإيراد اليومى للمحطة 10جنيه

وكان من إمتيازات المشتركين أن تلتزم المحطة بإذاعة الأغنية التى يطلبها المشترك شرط أن يذكر فى خطابه المرسل للمحطة رقم إشتراكه ومن المطربين الذين كانوا تذاع أغانيهم صالح عبد الحى وعبد الوهاب وأم كلثوم وبديعة مصابنى وفريد الأطرش وأسمهان وكانوا لا يتقاضون أجرا مقابل حق الإذاعة .

 

قصة السيدة الغامضة وأغنيتي”الجو رايق ” و”في الجو غيم”

حدث أن زارت المحطة سيدة ودفعت 50 جنية دفعة واحدة كإشتراك منها فى المحطة على أن تذيع لها المحطة إسطوانتين “الجو رايق لـ عبد الوهاب فى الجو غيم لـ صالح عبد الحى “على أن تقوم المحطة بقطع ما تذيعه وتذيع إسطوانة من الإثنتين تحددها السيدة فى الوقت الذى تريده بالتليفون ،إستمر الحال لفترة السيدة تتصل وتطلب ما تريده والمحطة تقطع الإرسال وتذيع ما تطلبه السيدة وفوجئت المحطة يوما بالبوليس يحاصرها ويفتش المحطة ويقبض على حبشى جرجس وتستدعى عبد الوهاب وصالح عبد الحى للتحقيق فى النيابة ومع التحقيق إكتشفوا أن السيدة تتزعم عصابة تهريب مخدارات وكانت تراسلهم عن طريق الإذاعة فأغنية عبد الوهاب ” الجو رايق ” تعنى أن الوقت مناسب للتهريب وأغنية صالح عبد الحى”فى الجو غيم “تعنى أن البوليس لهم بالمرصاد ترافع عن الإذاعة والمطربين ،إسماعيل وهبى وثبتوا حسن نيتهم فى التعامل مع السيدة .

 

كانت برامج المحطة تبدأ فى السابعة صباحا بتلاوة القرآن الكريم ثم نشرة الأخبار ثم التعليق على الأنباء ثم إذاعة إسطوانات غنائية ثم برنامج “ما يهم المرأة “وكان يعده ويقدمه أحد تجار أدوات الزينة والتجميل متطوعا بل كان يدفع للمحطة3جنية شهريا مقابل أن يقوم بالدعاية فى برنامجه لترويج أدوات الزينة التى يبيعها وفى السهرة برنامج “طبيب العيلة “وكان يقدمه الدكتور عبد الفتاح محمد القاضى يتحدث فيه عن الأمراض الشائعة ويجيب عن أسئلة المشتركين وفى نهاية البرنامج يعلن عن عيادته وفى رمضان كانت المحطة تقدم فوازير،وكانت الجوائز تقدم من بعض المحلات التجارية على سبيل الدعاية .

 

 

وفى 31 مايو 1934منحت الدولة لشركة ماركونى إمتياز إنشاء محطة الإذاعة اللاسلكية فصدرت التعليمات الرسمية بغلق المحطات الأهلية ومصادرتها ” تأميمها ” وعينت الحكومة حبشى جرجس موظفا فى الإذاعة الحكومية لكنه سرعان ما تقدم بإستقالته بسبب مهندسين المحطة ” كلهم أجانب ” كانوا يتعمدون الإساءة إليه بمناسبة وبدون مناسبة.

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights