دنيا ودين

“أبوعبيده بن الجراح”  أمين الأمة

كتبت : هاجر خليل حجازى

أبوعبيده بن الجراح

أمين الأمة حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح))

نسبه

هو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أُهَيْب بن ضبَّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان. ويقفون في نسبته عند فهر فيقولون “الفهري”، وقيل: إن فهر هو قريش، وأول مَن تلقَّب بقريش. وقد اشتُهر بكنيته والنسبة إلى جده، فيقال: أبو عُبيدة بن الجرَّاح. وهو يجتمع مع النبي محمد عند فهر بن مالك، فالنبي من أولاد غالب بن فهر، وأبو عبيدة من أولاد الحارث بن فهر.

أبوه: عبد الله بن الجراح، لا يُعرف، ولم يُذكر إلا في قصته مع ابنه أبي عبيدة يوم بدر، وفي كتب الأنساب اضطراب في سَوق نسب أبي عبيدة، قال ابن حجر في الإصابة: أبو عبيدة بن الجراح، مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، ومنهم من لم يذكر بين عامر والجراح “عبد الله” وبذلك جزم مصعب الزبيري في “نسب قريش”، والأكثر على إثباته.

أمه: أُميمة بنت غَنْم بن جابر، وفي “جمهرة أنساب العرب” لابن حزم الأندلسي: أميمة بنت عثمان بن جابر بن عبد العزى بن عامرة بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر،ونقل ابن حجر عن خليفة أن أم أبي عبيدة أدركت الإسلام وأسلمت.

 إسلامه

لا يُعرف ترتيب أبي عبيدة بين السابقين إلى الإسلام، ولكن ابن هشام في السيرة ذكره في عُصبة أسلمت بعد ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام، والأرجح أنهم لم يُسلموا في يوم واحد، بل أسلموا متفرّقين في أيام، وكان ترتيبهم بأجمعهم بعد الثمانية السابقين، وقبل مَن ذُكر بعدَهم.

ويُعد أبو عبيدة من السابقين الأولين إلى الإسلام، فهو ممن التقاهم النبيُّ محمدٌ في دار الأرقم قبل أن يبلغ المسلمون أربعين رجلاً، وهو صاحبُ النبي من أول الدعوة، وحفظ القرآن منذ تباشير فجره الأولى، وأوذي في سبيل الله فصبر، ونقل ابن سعد أنه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر، ولم يذكره موسى بن عُقبة. وقال الذهبي: «إن كان هاجَرَ إلى الحبشة فإنه لم يُطل بها اللَّبث».

 أخلاقه وصفاته 

روى البخاري والمسلم عن أنس بن مالك أن النبي محمداً قال: «إن لكل أمة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح». وقال ابن حجر العسقلاني: «والأمين هو الثقة الرضي، وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكنَّ السياقَ يُشعر بأن له مزيداً في ذلك، لكن خَصَّ النبيُّ كلَّ واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي ونحو ذلك».

مناسبة هذا اللقب كما رواها البخاري: أن العاقبَ والسيدَ صاحبي نجران قدِما إلى رسول الله يريدان أن يلاعناه، فقال أحدهما لصاحبه: «لا تفعلْ، فوالله لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبُنا من بعدنا»، قالا: «نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعث معنا إلا أميناً»، فقال: «لأبعثنَّ معكم رجلاً أميناً حقَّ أمين»، فاستشرف له أصحاب رسول الله ، فقال: «قُمْ يا أبا عبيدة بن الجراح»، فلما قام قال رسول الله : «هذا أمين هذه الأمة».وروى مسلم عن أنس: أن أهل اليمن قدموا على رسول الله فقالوا: «ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام»، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: «هذا أمين هذه الأمة».

دوره ف الغزوات ..

 دوره فى غزوة بدر 

فى غزوة بدر جعل أبو ( أبو عبيدة ) يتصدّى لأبي عبيدة
فجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلمّا أكثر قصدَه فقتله ، فأنزل الله هذه الآية
تعالى : ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليومِ الآخر

يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله
ولو كانوا آباءَ هُم أو أبناءَ هم أو إخوانهم أو عشيرتهم

أولئك كتبَ في قلوبهم الأيمان”

 دوره فى غزوة أحد 

يقول أبوبكر الصديق – رضي الله عنه-: لما كان يوم أحد
ورمي الرسول – صلى الله عليه وسلم

حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر
أقبلت أسعى الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم

وانسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا

فقلت : اللهم اجعله طاعة

حتى اذا توافينا الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم

اذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني
فقال : أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها

من وجه رسول الله – صلى الله عليه وسلم
فتركته ، فأخذ أبوعبيدة بثنيته احدى حلقتي المغفر
فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه
ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت

فكان أبوعبيدة في الناس أثرم.

 دوره فى غزوة الخبط 

أرسل النبي – صلى الله عليه وسلم

أبا عبيدة بن الجراح أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلا
وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر ، والسفر بعيد

فاستقبل أبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني
وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر
وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم
وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون ( الخبط ) أي ورق الشجر

فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء
غير مبالين إلا بانجاز المهمة ، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط.

 مكانتة آمين الامه

قدم أهل نجران على النبي- صلى الله عليه وسلم

وطلبوا منه أن يرسل إليهم واحدا
فقال عليه الصلاة والسلام : لأبعثن – يعني عليكم- أمينا حق أمين
فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا

لا لأنهم يحبون الإمارة أو يطمعون فيها
ولكن لينطبق عليهم وصف النبي – صلى الله عليه و سلم

أمينا حق أمين
وكان عمر نفسه- رضي الله عليه

من الذين حرصوا على الإمارة لهذا آنذاك
بل صار – كما قال يتراءى- أي يري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم
حرصا منه – رضي الله عنه أن يكون أمينا حق أمين
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم

تجاوز جميع الصحابة وقال : قم يا أبا عبيدة
كما كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر

فقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه
وهو يجود بأنفاسه : لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا

لاستخلفته فان سألني ربي عنه
قلت : استخلفت أمين الله ، وأمين رسوله.

 معركة اليرموك 

في أثناء قيادة خالد – رضي الله عنه – معركة اليرموك
التي هزمت فيها الإمبراطورية الرومانية

توفي أبوبكر الصديق – رضي الله عنه
وتولى الخلافة بعده عمر – رضي الله عنه
وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح

أمين هذه الأمة وعزل خالد
وصل الخطاب الى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة

ثم أخبر خالدا بالأمر

فسأله خالد : يرحمك الله أبا عبيدة ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟
فأجاب أبوعبيدة : إني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد
ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة

وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام .

 تواضعه 

ترامى إلى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه

وانبهارهم بأمير الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم
قائلا : يا أيها الناس ، إني مسلم من قريش

وما منكم من أحد أحمر ولا أسود
يفضلني بتقوى إلا وددت أني في اهابه
وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه
فقالوا له : من ؟

قال : أبوعبيدة بن الجراح
وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره
فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، إلا سيفه وترسه ورحله
فسأله عمر وهو يبتسم : ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟
فأجاب أبوعبيدة : يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل .

 طاعون عمواس

حل الطاعون بعمواس وسمي فيما بعد “طاعون عمواس” وكان

أبوعبيدة أمير الجند هناك
فخشي عليه عمر من الطاعون

فكتب إليه يريد أن يخلصه منه
قائلا : إذا وصلك خطابي في المساء

فقد عزمت عليك ألا تصبح إلا متوجها الي
وإذا وصلك في الصباح ألا تمسي إلا متوجها الي

فان لي حاجة اليك
وفهم أبوعبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وانه يريد أن ينقذه من الطاعون
فكتب إلى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور إليه
وقال : لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين

وعرفت قصدك وإنما أنا في جند من المسلمين
يصيبني ما أصابهم فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين

ولما وصل الخطاب الى عمر بكى
فسأله من حوله : هل مات أبوعبيدة ؟ فقال : كأن قد
والمعنى أنه إذا لم يكن قد مات بعد وإلا فهو صائر إلى الموت لا محالة

اذ لا خلاص منه مع الطاعون .

 دوره فى عهد أبو بكر الصديق 

بعد أن اتخذ أبو بكر القرار بفتح الشام وإرسال الجيوش لمحاربة الروم، أرسل إلى أربعة من الصحابة هم: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان، فجاؤوا إليه، فقال لهم: «إني باعثكم في هذا الوجه (الشام) ومؤمِّركم على هذه الجنود، وأنا موجّه مع كل رجل منكم من الرجال ما قدرتُ عليه، فإذا قدمتم البلد ولقيتم الجنود واجتمعتم على قتالهم، فأميركم أبو عبيدة بن الجراح، وإن لم يلقكم أبو عبيدة وجمعَتْكم حربٌ فأميركم يزيد بن أبي سفيان»، فتجهّز الأمراء لهذه المهمة، وراح المسلمون يسعون إلى المعسكر فينضمون إليه، العشر والعشرون والثلاثون إلى المئة في كل يوم، حتى اجتمع منهم جمعٌ.

لواء يزيد بن أبي سفيان: بعد أن ازدحم معسكر الجيش بالقادمين للانضمام إلى جيش فتح الشام، عقد أبو بكر أولاً لواءً ليزيد بن أبي سفيان في شهر رجب سنة 12هـ الموافق 633م. ويتراوح جيش يزيد ما بين ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف، لاختلاف الأقوال في عدده، وقد سار متجهاً إلى الشام عن طريق تبوك، واستقر في البلقاء.

لواء شرحبيل بن حسنة: خرج في رجب سنة 12 هـ الموافق 7 أكتوبر 633م في جمع من المجاهدين، وسلك الطريق نفسها التي سلكها يزيد.

لواء أبي عبيدة بن الجراح: ودّع شرحبيل أبا بكر وسار في جيشه إلى الشام، وبقي معظمُ الجند مع أبي عبيدة بن الجراح بالمعسكر، يَؤمُّهم أبو عبيدة في الصلاة، وينتظرون أمْرَ أبي بكر بالمسير، وكان أبو بكر ينتظر قدومَ مَن استنفر من المسلمين حتى يشحن بهم أرض الشام، وكانت وفود المسلمين تتوافد تباعاً إلى المدينة، أكثرهم من اليمن. وبعد اكتمال العدد والعدة اللازمتين للقاء الروم، ودَّع أبو بكر أبا عبيدة في السابع من شعبان سنة 12هـ الموافق 17 أكتوبر (تشرين الأول) 633م، وقال أبو بكر يوصيه:

اسمع سماعَ مَن يُريد أن يَفهم ما قِيلَ له ثم يَعملَ بما أُمِرَ به… إنك تخرج في أشراف الناس وبيوتات العرب وصلحاء المسلمين وفرسان الجاهلية، كانوا يقاتلون إذ ذاك على الحميّة وهم اليوم يقاتلون على الحِسبة والنيّة الحسنة… أحسَنْ صُحبةَ مَن صَحِبَك، ولْيَكنِ الناسُ عندَكم في الحق سواءً، واستعن بالله، وكفى بالله معيناً…

 دوره فى عهد عمر بن الخطاب

بعد وفاة أبي بكر الصديق في 21 جمادى الآخرة سنة 13هـ الموافق 23 أغسطس (آب) سنة 634م، أمَرَ عمر بن الخطاب بتولية أبي عبيدة أميراً على الجيوش وعلى الشام، فكتب إلى أبي عبيدة: «قد ولّيتك جماعة المسلمين، فبثَّ سراياك… وانظر في ذلك برأيك ومَن حضرك من المسلمين… ومَن احتجتَ إليه في حصارك فاحتبسه، وليكن فيمن يُحتبس خالدٌ بنُ الوليد فإنه لا غنى بك عنه».

وقد وصل كتاب عمر بن الخطاب إلى المسلمين في الشام في أثناء اجتماعهم في معركة، وكانوا إذا اجتمعوا ولَّوا عليهم أميراً عاماً، ولكنَّ المؤرخين لم يتّفقوا على زمن وصول كتاب عمر بتولية أبي عبيدة، فقال قوم: أثناء حصار دمشق، وقال آخرون: أثناء معركة اليرموك، فقد روى الإمام أحمد عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام، وعزل خالد بن الوليد، فقال خالد بن الوليد: «بُعث عليكم أمين هذه الأمة، سمعت رسول الله يقول: أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»، قال أبو عبيدة: «سمعت رسول الله يقول: خالد سيف من سيوف الله ونِعْمَ فتى العشيرة».

 موقف اهل الشيعه 

تختلف نظرة الشيعة لأبي عبيدة عن نظرة أهل السنة والجماعة، إذ يوجّه الشيعة إليه العديد من المطاعن والتهم، منها اتهامه بأنه من أعداء أهل البيت، وأحد «المعينين لأبي بكر على اغتصاب الخلافة من علي بن أبي طالب»، كما أنهم يعتقدون أن تلقيب النبي محمد لأبي عبيدة بـ”أمين هذه الأمة” مطعن لا مدح فيه، وذكروا في سبب إطلاق هذا اللقب عليه قصةً مُلَخَّصُها: «أن جماعة من الصحابة تآمروا فيما بينهم إن مات النبي أن لا يعطوا الخلافة لبني هاشم أبداً، وكتبوا في ذلك صحيفةً ودفنوها في جوف الكعبة، وكان كاتب هذه الصحيفة هو أبو عبيدة بن الجراح، وهو الذي ذهب بها إلى مكة ودفنها في جوف الكعبة، قالوا: فأطلع اللهُ رسولَه على مؤامرتهم، فقال لأبي عبيدة: «أنت أمين قوم من هذه الأمة على باطلهم». وتوجيه هذا القول: أن المتآمرين ائتمنوه على الصحيفة، وأودعوها عنده، وأرسلوه إلى مكة نائباً عنهم كي يتولى دفنها في جوف الكعبة، لذا سمي أمين قوم من هذه الأمة على باطلهم، وليس أمين الأمة بأسرها»، قال ذلك من الشيعة كل من: الفيض الكاشاني، وهاشم البحراني، ونور الله التستري، ونعمة الله الجزائري وغيرهم.

أكد هذه المزاعم هاشم معروف الحسني وهو شيعي معاصر، واستشهد على صحتها بكلام المستشرق هنري لامنس حيث يقول: «إن الحزب القرشي الذي يرأسه أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح لم يكن وليد مفاجأة وارتجال، وإنما كان وليد مؤامرة سرية مجرمة حِيكت أصولُها، ورُتبت أطرافُها بإحكام وإتقان، وإن أبطال هذه المؤامرة أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، ومن أعضاء هذا الحزب عائشة وحفصة…».

 وفاته 

كان أبو عبيـدة -رضي الله عنه- في ستة وثلاثيـن ألفاً من الجُند
فلم يبق إلاّ ستـة آلاف رجـل والآخرون ماتوا
مات أبوعبيـدة -رضي الله عنه- سنة (18) ثماني عشرة للهجرة

في طاعون عمواس
وقبره في غور الأردن رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights