حضارة وتاريخ

أسرار أرض القمر… سيناء “تا- شست”

 

 

كتب الباحث الأثري: محمد حلاوة

 

عرفت سيناء في مصر القديمة بإسم ” أرض الشست ” (تا- شست) كما جاء في نصوص الأهرام وفي لوحة من الأسرة الثانية عشر (1991 / 1786 ق.م) من منطقة وادي جواسيس ومن ثم فقد ذهب جارندر إلا أن (تا- شست) هو اسم سيناء في الأصل كما عرفت بإسم مدرجات الفيروز (ختيو- مفكات) وفي الدولة الحديثة عرفت بإسم جبل الفيروز (جو- إم- مفكات) وصحراء الفيروز ( خاست- مفكات) وربما أن تكون سيناء أخذت اسمها من إله القمر ( سين) وذالك حينما وفق القوم بينه وبين (خوت) إله القمر عندهم والتي انتشرت عبادته في سيناء بإعتبارة كان في الاصل معبودا ذا طبيعة قمرية.

 

أما معبود سيناء فهو ( سوبد) وقد لقب علي معبد ساحروع الجنائزي في الأسرة الخامسه سبد سيد الأرضين الصحراوية كما لقب لقب علي لوحة من الأسرة الثانية عشرة من وادي جاسوس “سيد أرض الشست، سيد الشرق”، وفي الدولة الحديثة “سوبد سيد الشرق، سيد الأرض الصحراوية”.

 

هذا وقد عبدت كذلك “حاتحور” التي كانت تسمى “سيدة الفيروز”، وقدحدث اتصال في سيناء منذ أقدم العصور بين “حاتحور” (والتي كانت الصفة القمرية من بين صفاتها العديدة في مصر) وبين المعبودة السامية التي كانت تعبد في المعبد المقدس في معبد سرابيط الخادم في سيناء والتي حلت حاتحور محلها.

 

وقد اشتهرت سيناء في العصور القديمة بعدة أمور منها:-

أولا: كانت مصدر مصر للحصول علي المعادن فكانت مستودعا غنيا بالنحاس وكريم الحجر والفيروز حيث حرص الملوك منذ الأسرة الأولي علي حمايتها ورعايتها لانها كانت ميدان لنشاط إقتصادي كبير وتشير إلي ذلك الأثار الموجوده في عهد الملكين ( الملك جر و الملك دن) من الأسرة الأولي.

 

ثانيا: النقوش السينائية التي إكتشفها “بتري” في سيرابيط الخادم عام 1904ميلاديا وهي علامات كتابة جديدة عرفت بالكتابة البروتوسينائية وهي ترجع لحوالي 1500سنه قبل الميلاد وأن هذة الكتابة مشتقة من الكتابة الهيروغليفية لشدة تشابهها بالعلامات الهيروغليفية وإنها ترجع إلي الأسرة الثانيه عشر ويري البعض علي أنها ترجع الي ايام الهكسوس او بعد خروجهم من مصر حوالي عام 1575قبل الميلاد.

 

ثالثا: طريق حور حربي وهو من أقدم الطرق الهامة في مصر والتي تربط مصر بفلسطين وهذا الطريق سلكة الفاتحون من مصر لفلسطين والعكس.

 

رابعا: أن سيناء قد ارتبطت بخروح بني إسرائيل من مصر حوالي عام 1216قبل الميلاد بقيادة موسي عليه السلام.

 

كما أن سيناء منذ القرون الأولي للمسيحية من بين البلاد التي نشأت فيها الأديرة وخاصة في الجزء الجنوبي منها حيث أعتقد الناس أن جبل موسي يقوم هناك وبالتالي نشأت كنائس وأديرة في وادي فيران وفي القرن السادس الميلادي نشأ دير سانت كاترين.

 

حيث تقع سيناء او شبه جزيرة سيناء جغرافيا في قارة اسيا وتقسمت إلي محافظتين الان وهما:

محافظة جنوب سيناء وعاصمتها الطور.

محافظة شمال سيناء وعاصمتها العريش.

 

كما يوجد معالم أثرية وسياحية في سيناء كثيرة وأشهر هذة المعالم هي:-

 

1/ دير سانت كاترين: بني الدير علي أمر الأمبرطورة هيلين أم الأمبرطور قسطنطين ولكن الأمبرطور جستنيان هو من قام فعليا بالبناء ليحوي رفات القديسة كاترين التي كانت تعيش في الإسكندرية ويقع الدير في جنوب سيناء أسفل جبل كاترين أعلي جبال مصر بالقرب من جبل موسي ويقال أنه أقدم الأديرة في العالم ويعتبر مزارا سياحيا كبيرا.

 

يحتوي الدير علي كنيسة أثرية بها هدايا قديمة من ملوك وأمراء وبها بئر يقولون أنه بئر موسي وهناك شجرة يقال أنها شجرة موسي التي أشتعلت بها النيران واهتدي إليها موسي عليه السلام ليكلم ربه.

كما يحتوي الدير أيضا علي مسجد صغير قام الحاكم بأمر الله داخل الدير حتي يحمي الدير من الهجمات التي كانت يتعرض لها الدير من وقت لأخر.

 

2/ سرابيط الخادم: تقع في محافظة جنوب سيناء بالقرب من راس سدر بنحو 80 كيلو متر وبالقرب أيضا من أبو زنيمة ويوجد بها العديد من الأثار المصرية القديمة حيث يوجد بها معسكرات التعدين القديمة والعديد من تماثيل الملك سنفرو من الأسرة الرابعة والملك منتوحتب الثالت ومنتوحتب الرابع من ملوك الأسرة الحادية عشر ونقش لكلا من الملك سنوسرت الأول وإمنمحات الأول فأما أشهر الأثار الموجودة في هذة المنطقة هي معبد حتحور الذي كرس لعبادة الربة حاتحور وكان يوجد بالمعبد حجره لعبادة الإلة سوبد وقد دمر المعبد إلي حد كبير خاصة عند الإحتلال الإسرائيلي لمصر كما يوجد أيضا النقوش السينائية .

 

3 / قلعة العريش: وهي قلعة أنشأها السلطان سليمان خان الاول ظلت هذة القلعة مركزا سياسيا لإدارة سيناء قبل أنت تنقسم الي محافظتين ولم يتبقي من هذة القلعة الا أجزاء من السور الخارجي وبعض الحوانيت القديمة التي تشير إلي ماضي القلعة والمدينة وأما الجامع العباسي الذي كان جزءا من هذة القلعة فهو باقي علي حاله حيث أجريت له العديد من التجديدات من قبل هيئة وزارة الأثار المصرية وأرسلت ايضا بعثات لعمل حفريات وتوقفت وردمت معظمها نتيجة الأوضاع الحالية في سيناء.

 

4/ قلعة صلاح الدين الأيوبي : أنشأها صلاح الدين الأيوبي فوق جزيرة فرعون التي أنشاها أيضا صلاح الدين الأيوبي لتأمين خليج العقبة وكقاعدة بحرية متقدمة.

 

5/ عيون موسي: هي عيون مائية صالحة للشرب وتعود إلي عهد سيدنا موسي عليه السلام وهي عبارة عن 12 عين مياة وتقع شرق محافظة السويس بالقرب من مدينة راس سدر بمحافظة جنوب سيناء.

 

6/ متحف شرم الشيخ هو متحف يقع بمدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء يقع المتحف على طريق المطار على مساحة تبلغ 191.000م2، ويتكون المبنى من 9 صالات وقاعة للمؤتمرات وبدروم و عدد من المحال للحرف التراثية ومسرح مكشوف وعدد من المطاعم و تعود فكرة بناء متحف شرم الشيخ إلى عام 2006 لكن لم يتم بناءه ثم جاءت ثورة 25 يناير وتعذر توفير المبلغ اللازم لإنشاء المتحف.في عام 2017 تم استكمال بناء المتحف وتم تخصيص 200 مليون جنيه لصالح المشروع.

 

العرض المتحفى سيدور حول مختلف الحضارات بوجه عام، والحضارة المصرية القديمة بشكل خاص، وذلك لتسليط الضوء على الحضارات الأخرى و سيضم المتحف في قاعته الأولى ما يقرب من 700 قطعة أثرية، وفي القاعة الثانية ما يقرب من 500 قطعة أثرية، وسوف يتم اختيارهم من مخازن المتحف المصرى بالتحرير والمخازن المتحفية بعدة مناطق أثرية.

 

سيناء إكتسبت شهرتها السياحية لما يوجد علي أرضها من معالم أثرية ودينية ( اسلامية ومسيحية ويهودية) بجانب ألوانها الرائعة المحيطة بالأودية التي تؤدي الي الجبل المقدس بسيناء كما شهدت قدوم أحفاد سيدنا النبي محمد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعلي رمالها مرت جيوش الفتوحات لمصر وبلاد إفريقيا.

 

سيناء هي أرض الإكتشافات والطريق إلي أرض الميعاد حيث بحثت إيزيس عن أوزوريس ووجد المصريين القدماء الذهب وحيث شاهد موسي العليقة.

ثمانية ألاف سنة في عمق التاريخ تجعلك تلمس بنفسك مظاهر التباين المستمر إنها حقا ريفييرا البحر الاحمر الجمال هي البداية والنهاية لكل المناظر الطبيعية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights