حضارة وتاريخ

مخلص المصريين من ظلم المماليك

 

كتبت : اسراء محمد

 

لا جدال في ان محمد علي باشا قد سما بأعماله ال مصاف عظماء الرجال وتتمثل عظمته في نشأته…… فقد نشأ نشأه متواضعه وتدرج من جندي بسيط في الجيش العثماني الي ان ارتق عرش مصر

 

محمد علي باشا المسعود بن ابراهيم آغا القوللي، الملقب بعزيز مصر، او العزيز

ولد(٤مارس ١٧٦٩م)،ولد في قوله التابعه لمحافظة مقدونيا شمال اليونان

 

ولد لاسره ألبانيه كان ابوه ابراهيم آغا رئيس الحرس المنوط بخفاره الطريق ببلده، وقيل انه كان تاجر تبغ

 

كان لوالده سبعه عشر ولداً لم يعش منهم سواه مات عنه ابوه وهو صغير ثم لم تلبث امه، وماتت وهو ف الرابعة عشر من عمره فكفله عمه طوسون والذي مات هو ايضاً ،فكفله حاكم قوله وصديق ابيه “الشوربجي اسماعيل”

الذي درجه في سلك الجنديه فابدي شجاعه وحسن نظر، فقربه الحاكم وزوجه امرأه جميله تدعي امينه هانم والتي كانت بمثابة طالع السعد عليه.

 

جاء الي مصر كنائب لرئيس الكتيبه الالبانيه التي ارسلتها تركيا لإخراج الفرنسين من البلاد…… لكنه اصبح فجأه رئيس الكتيبه… بسبب اضرار رئيس الكتيبه الي تركها والعوده الي بلده وكان قوامها ثلاثمائة جندي ،ولو كان محمد علي باشا علي ذكاء عادي لانتهي أمره بما انتهي إليه معظم ضباط الجيش.

 

 

تولي محمد علي باشا الحكم بعد ثوره الشعب علي احمد خورشيد باشا بسبب عدم قدرته علي السيطره علي الجيش الذي طلبه كامداد من الاستانه….. وما ان وصل هذا الجيش الي حتي عاث في القاهره فسادا.ً مستولياً علي الأموال والامتعه ومتعدياً علي الأعراض مستغلاً غياب المماليك ومحمد علي بالجيش ووجودهم في الصعيد

 

اشعل فشله في كبح جماح تلك القوات نار الثوره التي ادت الي عزل الوالي…… واختار زعماء الشعب بفياده” عمر مكرم” _نقيب الاشراف_ محمد علي ليجلس محله.

 

اعلن محمد علي باشا نفسه الخديو لكن الباب العالي العثماني رفض الاعتراف بهذا اللقب واعترف بلقب اقل منه….. وهو. والي مصر.

لكن محمد علي باشا لم يقبل بذلك، ومارس ددور الخديو علي ارض الواقع وبسط نفوذه في البلاد وحنوباً علي السودان وشرقاً علي المشرق العربي والشام.

 

كان تأيد الشعب له ومناصرته إياه عند اشتداد الأزمات كان لها الفضل الاكبر في ثبات ملكه وتغلبه عل الدسائس والعقبات التي اعترضت طريقه،فنجد انه علي سواعد المصرين قد قام ذلك الملك العريض،كان محمد علي باشا أمياً ولم يتلقي التعليم الا في سن الاربعين.

 

 

بعد توليه الحكم نهض بالاعمال الاولي لحضارة مصر وعمرانها….. ولان العمران ماده التقدم والثروه الاهلية هي قوام الاستقلال المالي ولا يتحقق الاستقلال السياسي مالم يدعمه الاستقلال المالي والاقتصادي ،عمل علي انماء ثروه البلاد والمحافظه علي كيانها،استخدث اساليب الري والزراعه…. شق الترع وأقام القناطر والجسور ،نهضه بالصناعه… أنشأ مصانع في مختلف مجالات الصناعة ، طور البناء والعماره….. بني العمائر والدواوين والقصور وشيد القلاع والاستحكامات.

 

نري محمد علي باشا قد وجه جزاء.ً كبيراً من جهوده الي إحياء العلوم والآداب….. نشر المدارس علي اختلاف درجاتها،، وارسل البعثات العلمية الي اوروبا،اقتبس النظم الأوروبيه الحديثه في نشر لواء العلم والعرفانفاسس المدارس الخديثه وارسل الكثير من البعثات إلى أوروبا….. ليتمم التعليم العالي في الخارج ،واعتزم ان ينقل الي مصر معارف اوروبا في مضمار التقدم العلمي والاجتماعي

 

اسس المدرسة الحربية الاولي لتخريج الضباط النظاميين

 

أنشأ الكثير من الموانئ والتي كانت من اسباب تقدم التحاره بالاضافه ايضاً الي…… الاسطول البحري.

 

وكان استقلال مصر علي يده….. ثمره الحروب التي خاضت غمارها في عصر محمد علي…. فلا جرم أن الجيل الذي عاش في عصر محمد علي اكثر الاجيال عملا وتضحية في سبيل مصر.

 

كان محمد علي باشا علي علم ان اي محاوله منه في إدخال نظم جديده لتطوير الجيش.. كسيد لمصر يعترضها المماليك.

وكان ايضاً علي علم بتدبيرهم له ليتخلصوا منه…. في نفس الوقت الذي أرسل السلطان العثماني يطلب من محمد تلي ان يرسل قواته الي الحجاز للقضاء علي الحركه الوهابية….. فخاف محمد علي باشا ان يستغل المماليك فرصه كهذه للقضاء عليه

 

اجتمع محمد علي مع مساعده ووزيره الاول ” محمد لاظوغلي” وتم الاتفاق بينهم علي التخلص من المماليك

 

كانت خطته بها دهاء غير معقول وكانت يوم الجمعة في (الاول من مارس ١٨١١م)

وقعت المذبحه في قلعه صلاح الدين الايوبي في القاهرة وكانت مقراً للحكم… وقعت فعلياً وتم تنفيذها عند باب العزب

 

اقام مخمد علي وليمه كبيره ودعا اليها جميع المماليك بحجه توديع الجيش…. لما تقلد طوسون خلعه القياده تحرك الموكب وفي مقدمته الفرسان يقودهم “اوزون علي” ويتبعهم والي الشرطة والآغا محافظ القاهره والمحتسب ويليهم الجنود الارناؤوط بقياده “صالخ آف فوس” وسار ورائهم المماليك يتقدمهم سليمان بك البواب ومن بعدهم بقيه الحنود ثم باقي المدعوين وارباب المناصب

 

كان الموكب يسير نحو باب العزب بانحدار… بمجرد اجتياز طليعة الموكب ارتج الباب واقفل من الخارج في وجه المماليك

 

وراح الجنود يمطرون المماليك بوابل من الرصاص… ومن لم يمت منهم بالرصاص ذبح علي ايدي الجنود

ويقال ان الحي المقابل لباب العزب امتلاء بالدماء فسماه المصريون حي الدرب الاحمر

 

لم ينج من المماليك الا امين بك… كان في مؤخره الجيش واستطاع ان يقفز بجواده من فوق سور القلعه

 

وصل خبر المذبحه الي الجماهير المحتشدة بالشوارع لمشاهدة الموكب….. فسري الذعر بينهم وتفرق الناس واغلقت الدكاكين والاسواق

 

سرعان ما انتشرت جماعات من الجنود الارناؤوط في انحاء القاهرة يفتكون بكل من يلقونه من المماليك….. ويقتحمون بيوتهم فينهبون كل ما تصل اليهم ايديهم

ولم يتوقف السلب والنهب الا بعد ان نزل محمد علي باشا الي شوارع المدينه وسيطر علي الجنود واعاد الانضباط….. امر بقطع راس كل من استمر في السلب والنهب

 

اختلفت الاراء حول مذبحه القلعه فمنهم من رأي انها نقطه سيئه في تاريخ مصر ووصمة عار في تاريخ محمد علي باشا السياسي….. وقد تعرض لكثير من الانتقادات من المؤرخين الغربين بسبب غدره

يري عبدالرحمن الرافعي لو ان محمد علي استمر في محاربتهم وجها لوجه لكان خيراً له ولسمعته

 

من كل هذا تكون الفلك النوراني لتلك النهضه التي سطعت شمسها في عصره…. فلو انه تولي الحكم في بلد اخر من بلدان السلطنة العثمانية وقتئذ…… لدفنت فيه عبقريته ولما استطاع ان يشيد كل ذلك

 

ومهما عددنا عليه من المآخذ فمن المحقق انه لو لم يتولي حكم مصر لظلت ولايه تابعه لسلطنة العثمانية… يتعاقب عليها الولاء الجهلاء الذين كانت ترسلهم الآستانه كل سنه او سنتين

الولاء الذين لم يكن لهم هم سوي الحصول علي نصيبهم من الخراج ثم يتركون شئون الحكومة في يد المماليك يعبثون في الارض فسادا

 

ولبقت البلاد راسخه تخت حكم التقهقر والفوضة او لحتلتها دوله اخري من دول الاستعمار

 

اعتْلت صحته في اخريات سنيه واصيب بضعف في قواه العقلية… فلم يعد باستطاعته الاضطلاع باعباء الحكم ولم ينجح فيه دواء

اعتلي ابنه ابراهيم العرش بسبب مرضه في( ابريل ١٨٤٧م)

وتوفي ابراهيم في(١٠نوفمبر١٨٤٨م)بعد فتره حكم قصيرن جداً

وتنازل محمد علي باشا عن الحكم بعد موت ابنه ابراهيم باشا لحفيده عباس بن طوسون

 

وبعد فتره حكم وصلت الي ٤٣ سنه… وتعد فترة حكمه اطول فتره حكم في تاريخ مصر الحديث……. الثانية في تاريخ مصر

توفي في (١٣رمضان ١٢٦٥هجرياً)،،(٢١اغسطس ١٨٤٩م) بسرايا رأس التين بالاسكندرية ونقلت جثته الي القاهرة.. ودفن بمسجد بالقلعة

 

هكذا انتهت حياه هذا الرجل الكبير بعد ان خلف مجداً….وتمت علي يده من الاعمال الجليلة ما تنؤ به العصبة من الرجال

 

فالرجل الذي يحقق كل ذلك وهو امياً لم يتلقي تعليماً عالياً ولا اولياً لا بد ان يعد بحق من عظماء الرجال

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights