حضارة وتاريخ

 الحلقة الرابعة عشر من المسحراتي “طارق بن زياد”

 

كتب : أحمد عثمان عوض

طارق بن زياد

طارق بن زياد هو قائد عسكريّ أمويّ فتح الأندلس، وقاد أول الجيوش الإسلاميّة في شبه جزيرة أيبيريا، وانتصر في معركة وادي لكة، وهو من أشهر القادة العسكريين المسلمين في التاريخ، وسُمّي جبل طارق الواقع في جنوب إسبانيا نسبة إليه، ولد عام 50هـ في خنشلة في الجزائر، في قبيلة نفزة البربرية، وهو ليس من أصل عربي بل هو من البربر الذي يسكنون بلاد المغرب العربيّ، وقد نشأ طارق بن زياد كباقي الأطفال المسلمين؛ حيث تعلم القراءة والكتابة، وحفظ بعض سور القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة الشّريفة، وتولى حكم طنجة سنة 89 هـ، ثم فتح الأندلس سنة 92هـ .

جهاده

 

شارك طارق بن زياد مع موسى بن نصير في فتوحاته الإسلاميّة، وقد أظهر مهارته في القتال، والقيادة بشكل لفت أنظار موسى بن نُصير إليه؛ ولذلك جعله يتولَّى قيادة مُقدِّمة الجيش في المغرب، واستطاعت جيوش موسى بن نُصير الوصول إلى المحيط الأطلسيّ، والسيطرة على المغرب الأقصى، واستمرَّ طارق بن زياد في فتوحاته إلى جانب موسى بن نُصير حتى وصلا إلى أهمّ المُدن في المغرب، وهي مدينة الحسيمة، فتمَّت مُحاصَرتها حتى أسلم أهلها، وبهذا يكون المغرب قد خضع لحُكم موسى بن نُصير عدا مدينة سبتة المُحصَّنة، وقد وُلِّي طارق بن زياد على طنجة؛ حتى يستطيع مُراقبة مدينة سبتة.

 

فتح الأندلس

 

كان فتح الأندلس على يد طارق بن زياد، حيث أنّه تحرّك بجيشه المكوّن من سبعة آلاف مقاتل، واتّجه إلى الأندلس في شهر رمضان عام 92 هـ، وذلك بعد نجاح سرية طريف بن مالك، وبعد أن أذن له موسى بن نصير بدخولها، وكانت مدينة قرطاجنّة أول مدينة فتحها طارق، وعندما علم لذريق ملك القوط بدخول المسلمين للأندلس جهز جيشه وخرج للقائهم، وفي هذا الوقت أرسل طارق لموسى بن نصير لكي يرسل له الدعم، فأرسل له خمسة آلاف مقاتل، والتقى الجيشان في معركة وقعت في الجزيرة الخضراء، حقّق فيها المسلمون نصراً كبيراً، ثم بدأ طارق بفتح المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى، وفتح طيلطلة عاصمة القوط في ذلك الوقت في سنة 93ه، وشاركه في فتح المدن موسى بن نصير.

إنسانية طارق بن زياد

 

ظهرت إنسانية طارق بن زياد من خلال رضاه بأن يكون دائماً في المرتبة الثانية بعد موسى بن نصير، كما ظهرت إنسانيته في كثير من المواقف خلال فتحه للأندلس؛ فقد كان وفياً، ولم يخن عهده مطلقاً، وكان له فضل كبير على اليهود في الأندلس؛ حيث إنّ ملك القوط أصدر قرارات تنص على تنصير كل من يصل سبع سنوات من أبناء اليهود، ومصادرة أملاكهم، فكان قيام طارق بفتح الأندلس سبيلاً لإنقاذهم، كما أنه كان صادقًا في العهود التي أعطاها لبعض المدن.

 

وفاته

تُوفِّي القائد المُجاهد طارق بن زياد عام 102 للهجرة على الأرجح، وقد انقطعت أخباره بعد وصوله إلى دمشق برفقة موسى بن نُصير، وقد اختلف المُؤرِّخون حول مصيره؛ حيث ذكر البعض أنَّه بقي دون أيِّ عمل منذ وصوله إلى دمشق، وحتى وفاته، وذكر البعض أنَّه سُجِن، وعُزِل في دمشق إلى أن تدخَّل الخليفة الوليد وأطلق سراحه.  ظهرت روايات أخرى حول مصير طارق بن زياد؛ حيث تحدَّث بعض المُؤرِّخين عن وجود خلاف بين موسى بن نُصير، وطارق بن زياد حول الغنائم التي أخذها الجيش، وقد ازداد هذا الخلاف حتى وصل إلى مسامع الخليفة الذي أمر باستدعائهما إلى دمشق؛ لحلِّ هذا الخلاف، ويُقال إنَّ طارق بن زياد آثر الابتعاد عن الأضواء مُتفرِّغاً لعبادة الله.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights