الطعام فى مصر القديمة .. بقلم/ د.ياسر أيوب ثابت رئيس لجنة الفنادق بنقابة السياحيين مصر
الطعام فى مصر القديمة
بقلم/ د.ياسر أيوب ثابت
رئيس لجنة الفنادق بنقابة السياحيين مصر
اخبرتنا النصوص المصرية القديمة ورسوم جدران المقابر المصرية بمعلومات كثيرة عن نوعية الأطعمة والمشروبات التى عرفها المصرى القديم. كما قاومت بعض بقايا الحبوب والمأكولات التى عُثر عليها عوامل الزمن وبقيت لتخبرنا قليلاً عن فنون الطهى عند المصريين القدماء.
المأكولات بطبيعتها قابلة للفساد والفناء بمرور الزمن ومع هذا فقد اخبرتنا بعض النصوص المصرية القديمة والرسوم الزاهية على جدران مقابر أجدادنا بمعلومات كثيرة عن نوعية الأطعمة والمشروبات التى عرفها المصرى القديم. كما قاومت بعض بقايا الحبوب والمأكولات التى عُثر عليها فى المقابر الفرعونية عوامل الزمن وبقيت لتخبرنا قليلاً عن فنون الطهى عند القدماء المصريين.
– الخبز
كان الطعام فى مصر القديمة يعتمد بالأساس على الخبز والبيرة الى جانب الخضروات. كان الخبز يُصنع من القمح الذي يتم طحنه، وعجنه، وخبزه وهو ما كان يشكل جزأ لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصرى القديم. والى اليوم هناك بضعة مئات من الأرغفة التى يرجع تاريخها الى تلك الفترة والتى لم تتلف او تفنى بفضل جفاف وصحراوية المناخ فى مصر.
كان المصريون القدماء يتقنون خبز اكثر من اربعين نوعاً مختلفاً من الخبز (بل والكيك ايضاً)، كان هناك ارغفة مستطيلة الشكل، واخرى مستديرة، ارغفة مسطحة، واخرى مثلثة، بل كانت هناك ايضاً ارغفة على شكل انسلن او حيوان. وقد اضاف المصرى القديم العسل والفواكة المجففة لعمل الخبز الحلو او ما نطلق علية اليوم “الكيك”. وكان يخبز المصري القديم ايضاً الخبز الأسمر، فكانت الحبوب المتكسرة (أو المدشوشة) تغلى فى الماء ثم تضاف الى عجينة الخبز الخفيفة وتخبز للحصول على رغيف طرى لدن، وكان تشكيل الخبز يتم اما بواسطة الأيدى وهو ما دلتنا عليه اثار ضغط الأصابع على بعض الأرغفة، او بواسطة قوالب. وكان الخبز يزين بعمل بعض الثقوب به او بوضع الفاكهة المجففة على سطحه.
– الجعة (البيرة)
كانت الجعة ايضاً احد الأركان الأساسية فى المطبخ المصرى القديم، ولكنها كانت اثقل قواماً واكثر قيمة غذائية من الجعة المعروفة الآن، بل لا نبالغ عندما نصفها بالطعام السائل. لقد كانت الجعة مصدراً هاماً للسكريات والنشويات والأحماض الدهنية الهامة والأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن. ويعُتقد ان صناعة الجعة آنذاك كانت تتم بنقع الأرغفة فى الماء (ارغفة خاصة لصنع الجعة)، ثم تركها لتتخمر فى اوعية كبيرة مع اضافة التمر او الشعير اليها. وقد توصلت بعض الأبحاث الحديثة بالفعل الى صناعة الجعة بنفس تلك الطريقة التى اتبعها المصرى القديم.
– الخضروات
تنوعت الخضروات والبقول التى عرفها المصرى القديم، فالعدس مثلاً كان يعد احد الأطباق الشعبية المحببة، وربما كان تحضيرة مشابهاً لما نراة اليوم، فنرى العدس الذى تم العثور علية يحمل دلائل نقعه ثم طحنه قبل تقديمه للأكل.
كان الخس والكرات والبصل والتوم والكرفس والقثاء من الخضروات المعروفة آنذاك ايضاً. اما الطماطم والبطاطس فلم يكن لهما وجود فى مصر القديمة، فمن المعروف انهما من المحاصيل التى لم يعرفها العالم إلا بعد اكتشاف الأمريكتين (العالم الجديد). اما الباذنجان فلم يكن معروفاً هو الأخر، غير انه عُرف فى مراحل متأخرة من تاريخ مصر, وللأسف ليس من المعروف كيف كان يتم تحضير كل تلك الخضروات آنذاك بشكل كامل.
– اللحوم
كما هو الحال فى العصر الحديث، كان تناول اللحوم فى مصر القديمة من علامات الثراء والترف. فكانت اللحوم تؤكل بصفة عامة فى الأعياد كما كان يتم اعطائها احياناً كهدايا او منح. كانت الماشية والأغنام تربى بصفة اساسية للحصول على الألبان التى يعتمد عليها لصناعة الجبن، وكان المصرى القديم يأكل لحم الخنزير ايضاً. اما السمك فكان متوفراً للجميع بفضل النيل السعيد، وكان يؤكل مطهياً او مملحاً او مدخناً. ولم يعرف المصرى القديم الدجاج، غير ان بعض الشواهد اشارت الى وجود طائر يشبة الدجاج ومع ذلك لم يتم العثور على اية بقايا لعظام ذلك الطائر، ولهاذا يمكن القول ان الدجاج لم يُعرف او يؤكل حتى الأسرة الثلاثين (380-343 ق.م) ولكن المصرى القديم كان يأكل الأوز، والبط والسمان وانواع اخرى من الطيور.
– الفواكه
كان التين والبلح يشكلان الفاكهة الشعبية فى مصر القديمة. وكانت تتم اضافتهما ايضاً للخبز الحلو وللنبيذ لإعطائة نكهة خاصة، وكان المصرى القديم يجفف البلح ليصنع التمر او يفرمة ليصنع منة ما يشبة المربى. عرف المصرى ايضاً فاكهة الدوم وقد عثر على مئات من حبات الدوم فى المقابر.
– البردى
يرتبط نبات البردى بمصر القديمة فقد كان يستخدم اساساً لصناعة الورق والمراكب والأسقف، الا انة كان ايضاً يؤكل. فقد اخبرنا المؤرخ الكبير هيرودوت ان الجزء السفلى من نبات البردى كان يُطهى ويؤكل خاصة اعواد البردى الصغيرة النضرة.
-النبيذ
كان النبيذ من المشروبات المفضلة عند المصريين القدماء غير انة لم يكن بمتناول الجميع، وكان استهلاكه مقصوراً على الأثرياء. كان النبيذ يستخدم ايضاً كمطهر خفيف ودواء للسعال، اضافة الى عدة استخدامات دوائية اخرى. وغنى عن البيان ما كان يحدث للمصرى القديم عندما كان يسرف فى شرب النبيذ وهو ما اخبرتنا عنة النقوش المرسومة على جدران احدى المقابر المنتميه للدولة الحديثة. فنرى مناظر الإحتفال توضح بعض المدعويين السكارى من الجنسين يعانون من فرط الشراب، فظهرت النساء فى حالة اعياء، بينما قام البعض بحمل الرجال السكارى الى بيوتهم.
كانت هناك عدة انواع من النبيذ، تختلف حسب الإضافات والنكهات التى يتميز بها كل نوع، وكان هناك مزارع للعنب ومعاصر تنتج انواع من النبيذ، ودرجات مختلفة من الجودة. فمثلاً النبيذ “نفر نفر نفر” وتعنى “جيد جيد جيد” يتميز كثيراً عن نبيذ “نفر”.
يذكر ايضاً ان زهرة اللوتس المصرية القديمة كانت لها خصائص تسبب حالة من الثمالة وانة بإضافتها للنبيذ كان المصرى القديم يحصل على نبيذ مسكر.
ولم يكن الطعام مخصصاً للأحياء فقط. فقد كان المصرى القديم يعتقد ان الميت يعود للحياة مرة اخرى، وان النقوش التى تزين جدران المقابر سوف تعود هى الأخرى للحياة، فنرى القرابين والعطايا الجنائزية التى توضع مع الميت فى مقبرتة، ونراة مرسوماً على جدران المقبرة وهو جالس امام مائدة عامرة بالطعام والشراب، كما نرى ايضاً رسوماً تبين حاملو الطعام لإهدائها الى الميت اعتقاداً منهم انة قد يحتاجها فى العالم الأخر. فنرى مثلاً قائمة بالأطعمة والمشروبات التى قدمت للميت منقوشة على جدران احدى المقابر، كتب فيها: عدد 1000 رغيف خبز، عدد 1000 مشروب جعة… الى جانب انواع اخرى من الأطعمة والمشروبات اشتملت عليها القائمة.