حضارة وتاريخ

تجليات الصدفة تمنح الاستشارى المهندس مجدى غبريال كشف ظاهرة إبداعية نادرة وفريدة على مستوى كنائس العالم أجمع

بقلم الكاتب – عبد الله مهدي

مجدى فلتاؤس غبريال فلتس مهدس مصرى عاشق لتراث وطنه ، سخر كل إمكاناته وخبراته الكبيرة ، لإحياء هذا الإرث الحضارى العظيم ، لمعشوقته مصر ، فسبق الجميع متطوعا للحفاظ على التراث الإسلامى والقبطى وكل ما يطلب منه ، ويتجلى شاهدا على ذلك ” مسجد السلطان العثمانى على باشا أغا بالزقازيق ، حيث ساهم متطوعا كعادته فى ترميم هذا المسجد والذى بنى منذ أكثر من ٥٠٠ سنة على الطراز العثمانى ذو المئذنة المخروطية المدببة ، وللأسف الشديد خرج هذا المسجد من سجلات الٱثار ، بسبب جهل وإهمال القائمين عليه ، بتلف وصب أحد بواكى السقف بالخرسانة بدلا من الجزء المنهار من الجمالون الخشبى الجميل للسقف ، وتمنى مجدى غبريال لو كان قد علم وقتها ، لهم بإعادة هذا الجزء المنهار إلى أصله .

وقد أسس مجدى فريقا متطوعا من ثلاثين متخصصا وخبيرا ومهندسا وأستاذا جامعيا وأكاديميين من مختلف التخصصات الهندسية والعلوم والٱثار والفلك والترميم والعمارة الإسلامية والقبطية والتاريخ وعلم هندسة المواد وتدعيم المنشٱت الٱيلة للسقوط …. إلخ.

 

 

حكاية اكتشاف الظاهرة الفريدة على مستوى كنائس العالم

فى عام ٢٠١٤ م استدعى المهندس / مجدى غبريال لمعاينة ( دير الملاك ميخائيل وكنيسته ) بناحية كفر الدير بالتلين بمنيا القمح محافظة الشرقية ، والتى وردت بكتاب ” تاريخ البطاركة ” ، وكتاب ” تاريخ الكنائس والأديرة ” لأبو المكارم ( ١٢٠٩ م ) : بأنه تم إنشاؤه قبل دخول العرب مصر ، وورد عنه ذكر خلال العصر الأموى .

 

وحينما نظر المهندس مجدى إلى” الدير الأثرى وكنيسته ” وهو متفرد على ربوة تعلو ٨.٥ متر عن منسوب الأرض الزراعية المحيطة به ، أدرك سبب بقاء مبانيه حتى اليوم ، حيث حفظها علوها من الرطوبة الناتجة عن المياه الجوفية حتى الٱن . وقد أكدت بعض المراجع والدراسات أنه كان عامرا بالرهبان حتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، ورأى المهندس مجدى مبنى على الطراز المعمارى القبطى ، وتاريخ بناء الكنيسة يرجع إلى ما قبل عام ١٢٤٧ ش / الموافق ١٥٣٠ م / الموافق ٩٣٥ هجرية ويوافق ذلك عصر السلطان سليمان القانونى ، ولاحظ مجدى غبريال أن كبر حجم الحجاب يؤكد أنه لا يمكن أن يكون قد دخل الكنيسة إلا مفككا إلى قطع وتم تركيبه داخل الكنيسة ، لعدم وجود فتحات تسمح بدخول حجاب بهذا الحجم ، تحدث مجدى مع قس الكنيسة والذى ذكر له بأن القدرات المالية للكنيسة وقفت حائلا أمام ترميمها ، بعد أن تراجع مقاول المحارة بعماله وعدته لطمسه بمونة المحارة بالأسمنت الأسود والرمل ودهانه بفرشاة من الجير أو البلاستيك ، فالشروخ واضحة وخطيرة وقد تتسبب فى انهيارالمبنى الذى تعقد فيه الصلاة ، ومن فضل الله أن الامكانات لم تسمح بما طلبه المقاول وقتها .

 

 

ذهل المهندس مجدى غبريال عندما رأى نفسه أمام أثر من الطراز المعمارى البيزنطى يرجع للقرن الرابع الميلادى ، عندها قرر وضع خطة حتمية لارجاع هذا الأثر لأصله الذى بنى عليه أنذاك ، وضرورة المحافظة عليه من الضياع ، وهنا إصطدم بالواقع المرير ، وهو عدم توافر إمكانات مادية للترميم ، والتى كانت عائقا أمام تنفيذ مقاول المحارة للعمل .

 

وهنا تحرك المهندس مجدى غبريال لتكوين فريق متطوع متخصص فى كل مناحى العلوم ليدلى بدوره فى كيفية ترميمه ، وقد نجح الفريق بعد عمل مدقق وشاق فى إنجاز ترميم الأثر ، وكانت الهبة الربانية لهم باكتشافهم أثناء الترميم تعامد الشمس على مذابح الكنيسة فى أعيادها ، فأخبروا “معهد البحوث الفلكية ” وتم رصد الظاهرة وتسجيلها فى عام ٢٠١٥ م حيث تتكرر ثلاث مرات خلال العام فى ١ مايو على مذبح الشهيد مار جرجس ، وفى ١٩ يونيو على مذبح الملاك ميخائيل ، وفى ٢٣ أغسطس على مذبح السيدة العذراء وتستمر الظاهرة من ٦٠ إلى ٩٠ دقيقة فى حضور العديد من الباحثين والباحثات وكان الأستاذ الدكتور مسلم شلتوت حفيد شيخ الأزهر المرحوم محمود شلتوت عالم الفلك الكبير مؤكدا على صحة تلك الظاهرة الفريدة والنادرة فى كنائس العالم ، والتى أكدت لكل من يراها ، بأن مصر القديمة بعبقريتها فاعلة فينا على كافة العصور ومنها العصر القبطى حيث استفاد المعمارى القبطى من تعامد الشمس فى معبد أبوسمبل ونقلها عن جدوده القدماء فى ” دير الملاك ميخائيل الأثرى ” …
## قيمة هذا الدير التاريخية والسياحية.

 

يتوسط موقع الدير مجموعة من المواقع الهامة ومحطات عديدة من محطات مسار رحلة العائلة المقدسة ، منها بلبيس وتل بسطة وسمنود ومسطرد ليس ذلك وكفى بل يقترب عيد الملاك ميخائيل الواقع فى ١٢ بؤونة ” أى ١٩ يونيو من كل عام وتعامد الشمس على المذبح الرئيس مع يوم ٢٤ بشنس ” ١ يونيو من كل عام ” ، عيد دخول العائلة المقدسة مصر ، ومع موسم الحج المسيحى إلى مصر فى موكب رحلة العائلة المقدسة .

 

وتعد ظاهرة تعامد الشمس هى ظاهرة فلكية هندسية تشهد بعبقرية المهندس القبطى سليل المهندس المصرى القديم الذى ورث عنه العلوم الفلكية والهندسية .

 

 

 تكريم مستحق للقبطى الأصيل الاستشارى المهندس مجدى غبريال

كرم المهندس مجدى غبريال كثيرا لتميزه وتفرده وخبراته ونجاحاته فى مجال عمله الهندسى ، ويأتى تكريمه عن أعمال الترميم بفريقه المتطوع وما نتج عنه من استرجاع والمحافظة على أثر هام يرجع للقرن الرابع الميلادى هو ( دير وكنيسة الملاك ميخائيل الأثرى ) حيث تم إدراج اسمه بقائمة الشرف الوطني المصرى بتاريخ ١٥ مايو ٢٠٢٠ م ومنحه قلادة التاميكوم من الدرجة الفضية باب الرواد المتميزين وحوالمكتشفين عن اكتشافه وفريقه لظاهرة تعامد الشمس على مذابح الكنيسة الأثرية.

 

 

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights