مقالات

سلسلة هموم صناعية (1)


رؤية للنهوض بالصناعات الصغيرة


كتب : طارق عبد الحميد ماضي

تستفزني الطنطة الاعلامية و التي تعلوا و تخبوا من وقت لأخر بشأن أهمية الصناعات الصغيرة كأحد قاطرات التنمية بسبب أن هذه “البروباجندا” لا تلمس جوهر المشكلة التي تعيق و تعطل نمو هذه الصناعات بالمقارنة بالصين مثلا و تظل الفجوة بين ما يعلن و بين نتائج الواقع الحقيقي علي الارض بسبب أن معظم ما يعلن لا يقوم علي دراسة حقيقة عن أسباب تعثر هذه الصناعات و استنادا الي خبرتي كأمين عام جمعية الصناعات الصغيرة لمدة حوالي 12 عاما أقدم لحضراتكم رؤيتي للنهوض بالصناعات الصغيرة… عسي أن تجد فيها بعض الضوء الذي ننشده جميعا ..

فتتلخص مشاكل الصناعات الصغيرة في العالم بشكل عام  في أربعة  عناصر مهمة منها و أساسية وهي :

1- التمويل .

2- نقص خبرة الادارية وعدم التوجيه .

3- نقص العمالة المدربة.

 4- التسويق .

و لابد أن نعترف بأن مصر لها نصيب في الأربعة مشاكل نسب مختلفة يمكن معالجتها و التغلب عليها بدون الأعتماد علي أي مساعدات فنية أوتقنية أومادية من الخارج  .

التمويل : قد أصدم الجميع ولا أوافق فمن يظن بأن نقص التمويل يعد العقبة الأولي التي تعطل حركة المنظومة كلها   !!! بل أقولها بوضوح شديد بأنه لا يوجد نقصا شديد في التمويل للصناعات الصغيرة في مصر!!!!!!!!!!!! و يمكن جمع مليارات الجنيهات  التي بحوزة  ملايين المصريين و التي ضلت طريقها الي الأستثمارالجيد بسبب عدم وضوح الرؤية لديهم وعدم أستكمال توجيه المنظومة بالشكل الصحيح  والتناقض الذي يجعل الصناعات الصغيرة تسير في حلقة مفرغة وحائرة بين مبشرات المسؤولين والمتخصصين النظرية في الإعلام و بين الواقع الفعلي والتطبيقي وفي قلة عائد من يعمل بهذه  المنظومة بالطريقة المصرية الحالية و التي يعتمد فيها الصانع الصغي علي نفسه فقط في الأنتاج والتسويق والادارة من هنا يأتي احجام الناس في الإقدام علي تمويل الصناعات الصغيرة أوالعمل فيها أصلا .

لكي ننجح ونوصف المرض يجب أن نقسم تمويل الصناعات الصغيرة إلي جزئين منفصلين عن بعضهما تمويل المباني وتمويل الصناعة ذاتها من معدات وألات وغيرها فقد ترغب شريحة ليست بالهينة من الناس وبخاصة الموظفين من كبارالسن والمغتربين من المصريين  الذين لا يرغبون الاستثمار بدون ترك أعمالهم ورغبتهم في الاستثمار الأمن من وجهة نظرهم في العقارات عن طريق تأجير مبانيهم لم يرغب في الأستثمار الصناعي وعلي الجانب الأخر  يرغب كثير من الشباب المتعلم في الأستثمار في الصناعة و لكن ليس لديهم الوقت والمال الكافي للأستثمار في المباني والصناعة مجتمعين لذا فقد تنشأ الصناعات الصغيرة علاقة مجتمعية جديدة وتبادل المنفعة بين الأجيال المختلفة علاوة علي العوائد الاقتصادية المتجددة للطرفين وفي هذه الحالة لذا فهذا الفصل يضاعف من حجم التمويل .

نقص الخبرة الادارية وعدم التوجيه : يقع اصلاح هذا الامر بشكل أساسي علي عاتق الدولة ومراكز الابحاث والجامعات بشرط تنحية “البيروقراطية” و المركزية المميته عنه و تمويل هذه المراكز من الدولة و لو بتخصيص جزء من عوائد ضرائب الصناعات الصغيرة علي أن ننشئ مراكز حاضنة للصناعات الصغيرة  يكون دورها وضع استراتيجيات للأولويات و توزيع الانشطة الصناعية علي المحافظات،بحيث تتميز كل محافظة بأنشطة معينة و التنسيق فيما بينها و توفير شبكة معلومات إلكترونية عن الصناعة و تدريب و توجيه الصانع بأليات نجاح صناعته ورعاية تطوير معامل الأختبارات في مصر بحيث تكون معتمدة من جهات خارجية وقادرة علي تقييم المنتجات المصرية وربطها بالمقايسس العالمية في المواصفات .

نقص العمالة المدربة: هذه احد المعضلات الكبيرة التي تواجه الصناعة بشكل عام بل كل الانشطة الاقتصادية في مصر جميعا اذ بالفعل انخفض مستوي التعليم عموما و الفني خصوصا !!!!  لاننا ركزنا علي الكم لا الكيف في التعليم في خلال الستون عاما الماضية لذا فلابد من عمل خطة قصيرة الامد تتلخص في رعاية رجال الاعمال بطريقة جادة لمراكز تدريب جديدة او تطوير المراكز قائمة بالفعل في مصر بمدربين اكفاء و يفضل ان يكون بيينهم اجانب متخصصين و بخاصة في الاعمال التي تعتمد علي الكمبيوتر و الاتصالات الحديثة ووضع خطة طويلة الامد تبدأ في تطوير مناهج بدءا بالتعليم الابتدائي لربطها بالصناعة  و الاقتداء باي تجربة رائدة من تجارب الدول مثل سنغافوره او مالزيا او غيرها .

التسويق : وهو نشاط هام جدا لنجاح اي منظومة لذا يجب أن تقوم الدولة بدور المحفز للأفراد للأستثمار فيه عن طريق تقديم الأعفاءات الضريبة و الحوافر لشركات التسويق والتي تعمل في مجال التصدير وتخصيص أراضي بأسعار مناسبة لبناء مراكز تسويق علي مستوي عالي أسوة بالصين مثلا ،ويجب أيضا بأن نؤهل الصانع وندربه علي فهم حقيقة أن شركات التسويق هي شريك مهم له في العملية الانتاجية وعليه أن يركز هو بشكل أساسي علي التصنيع فقط علي أن نضع أولويانتا في السوق الافريقية بتنشيط الملحقيات التجارية في هذه الدول و تقييم انجازاتها في هذا المجال دوريا و تخفيض اسعار تذاكر السفر للمصدريين و عمل خطة للاشتراك في المعارض في تلك الدول. 

و يأتي دور الدولة في ضرورة إنشاء هيئة أو وزارة للصناعات الصغيرة يكون دورها في التخطيط و التوجيه و إنشاء حاصنة مركزية تتفرع منها أفرع في المحافظات والتوسع في تخصيص أراضي للجمعيات التعاونية الأنتاجية لتقسيمها وبناء مجمعات صناعية و تملكها للاهالي وأخضاعها لقانون أتحاد الشاغلين للقيام علي صيانتها و تطوريها و السماح  ببناء  المجمعات الصناعية في المدن الصغيرة و القري علي مقربة من المدارس الصناعية في هذه الأماكن علي أن تشتمل علي مقرات للحاضنة تتضمن مكاتب لدراسة الجدوي و مكاتب للتسويق ومكاتب للتصميم المنتجات التابعة علي أن تدار بإدارات غير بيروقراطية  و سن تشريع  يضبط العلاقة بين عناصر منظومة الصناعات الصغيرة و لا يعوقها وتقديم الأعفاءات الضريبة وبخاصة للمشروعات التي ستقام في القري لخلق بيئة جاذبة للأستثمار فيها وتقليل الهجرة الي المدن و تقليل مصاريف النقل.        

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights