حضارة وتاريخ

الحضارة المصرية القديمة

الحضارة المصرية القديمة

بقلم الأثرى : محمد حلاوة

 

تعد مصر من أقدم الحضارات التي ظهرت على الأرض، فمنذ أن تمكن جوزيف شامبليون من قراءة اللغة المصرية القديمة عام ۱۸۲۲م لم تتوقف الدراسات التي توضح أهمية تاريخ وحضارة مصر القديمة حتى الآن، ولولا جهود العلماء الأجانب في مجال علم المصريات ما ظهر هذا الكم الهائل من المؤلفات التي تبرز أهمية تاريخ مصر في هذه الحقبة التي تمتد جذورها حوالي من سبعة آلاف عاما من تاريخ الإنسانية.

 

ويشعر من يعطي تاريخ مصر القديم حقه من من الدراسة أننا أمام تاریخ قوم برعوا سياسيا، وتفوقوا على غيرهم في مجال الحكم والإدارة، فعندما استقر المصريون القدماء على ضفاف نهر النيل، بعد أن جفت الصحراء وقلت مواردها الطبيعية من المياه والأراضي الخصبة، فقاموا بتكوين القرى والمقاطعات والأقاليم تحت إدارة زعيم واحد.

 

انتظمت أحوال مصر منذ تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب، فظهرت أول حكومة مركزية و ضبط أحوال البلاد داخليا، فاصطفوا موظفيهم من المخلصين، حيث ساعد إخلاص هؤلاء النخبة على استقرار الأمور الداخلية، واستتباب الأمن في أنحاء البلاد، فأدى ذلك إلى الإبداع الحضاري الذي لا نظير له في الحضارات المعاصرة للحضارة المصرية القديمة.

 

ونتيجة لذلك انتشرت اللغة والعادات والتقاليد والفنون المصرية في كافة البلاد التي ارتبطت بمصر سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا، نتيجة توسع مصر الخارجي في بداية الأسرة الثامنة عشرة، فقد تمكن الملوك ببناء إمبراطورية قوية امتدت من نهر الفرات إلى الجندل الرابع جنوبي مصر.

 

 

عندما تعرض مصر لمحن فإنها تتفوق في كل شيء، فعندما احتل الهكسوس مصر،اعتنى الملوك بالجيش وبرجاله الذين استبسلوا في حومة الوغى، وقد تنظم دور رجال الجيش في الدولة الحديثة التي شهدت معارك حربية أوضحت قدرة الجيش ورجاله على الانتصار السريع والحاسم.

 

ولعبت العقيدة الدينية دورا كبيرا في سير المعارك الحربية، ونظم الحياة اليومية في مصر القديمة نظرا لتدين الشعب المصري وتعلقه بالدين ورجاله الذين انحازوا إلى جانب الملوك ، وأيدوهم بكل الوسائل الممكنة التي مكنت العواهل من على عروشهم.

 

خضعت مصر الحكم واحتلال الأجانب من احتلال الهكسوس ثم الليبيين والكوشيين والفرس، وذلك إبان العصر العصر المصري القديم، ولم يضف هؤلاء للحضارة المصرية جديدا وإنما تأثروا بالحضارة المصرية القديمة، باستثناء الاحتلال الأشوري الذي دمر الآثار المصرية القديمة،
وأيضا الفارسي الذي نهب خيرات البلاد، وانتهك حرمة المعابد.

 

احتل الإسكندر الأكبر مصر سنة ۳۳۲ ق.م، وشيد مدينة الإسكندرية، ونظم أمور مصر إداريا، ولكن المنية وافته عام ۳۲۳ ق.م، فقسم كبار قادته إمبراطوريته من بعده، فأصبحت مصر من نصيب بطلیموس صديق الإسكندر الأكبر، وأطلق على المدة الزمنية من سنة ۳۲۳ ق.م إلى سنة ۳۰ ق.م عصر البطالمة، نسبة إلى بطليموس الأول.

 

سخر البطالمة إمكانيات مصر لخدمة أطماعهم الاستعمارية، فاعتمدوا على الإغريق والمقدونيين في إدارة البلاد، وقيادة الجيش، وهو ما اصطلح على تسميته بأغرقة الإدارة والجيش فقط، ولضمان نجاح ذلك شجع البطالمة على هجرة الإغريق إلى مصر.

 

حرص البطالمة الأوائل على الحصول على الثراء بشتى الطرق والوسائل الممكنة، فاعتنوا بأمور مصر الداخلية، وتطورت الزراعة والصناعة ونشطت التجارة الخارجية، وذلك لخدمة أهدافهم الاستعمارية.

 

أنتهج الرومان أسلوب البطالة في إدارة أحوال مصر مع وجود بعد الفوارق في إدارة البلاد، حيث لم تكن مصر ولاية رومانية بل أصبحت إحدى ممتلكات الإمبراطور الروماني الخاصة، واستغلت مواردها كغيرها من الولايات الخدمة مصلحة الشعب الروماني، فحكمها وال من طبقة الفرسان .

 

مثل الوالي الإمبراطور في تنفيذ سياسته، فأقام في الإسكندرية، ومن واجباته تلقي الشكاوي، ومصادرة الممتلكات، وتوقيع الغرامات، ولا يتخذ قرارا في تحديد الضرائب وإسقاطها عن الفلاحين والإعفاء من الخدمات الإلزامية إلا بالرجوع إلى الإمبراطور شخصيا.

 

كانت الحضارة المصرية القديمة ولا تزال تبوح بأسرارها، التي يتوقف عندها العالم بأسره يومًا بعد يوم، وقد تركت الحضارة المصرية القديمة إرثًا رائعًا للبشرية جمعاء نقلت منه جميع الحضارات كاليونانية والرومانية، كما تركت أيضا ظواهر غريبة وشخصيات غامضة في تاريخ تلك الحضارة حيَّرت علماء الآثار والتاريخ.

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights