حضارة وتاريخ

المسحراتي الحلقة الثانية عظماء الإسلام “الزبير بن العوام”

كتب : أحمد عثمان عوض

هوَ: الزُّبَيْرُ بن العَوَّام بن خُوَيْلِد بن أسَدَ بن عبد العُزَّى بن قُصَي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيبن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وأبوه العَوَّام هو أخو زوجة النبي خديجة بنت خويلد.

أمه: صَفيّةُ بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهي عمة النبي محمد.

هو ابن عمة الرسول محمد بن عبد الله وابن أخ زوجة النبي محمد خديجة بنت خويلد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام،

كان له ثلاث اخوه اسلم منهم اثنين ولم ياسلم الاخر

مظهره عند الشيعه:

خفيف اللحية، أسمر اللون، كثيف الشعر، متوسط القامة لا طويلاً ولا قصيراً،وقيل: كان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة

القابه:
يُلقب ب حواري رسول الله؛ لأن النبي قال عنه:«إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ»، أوَّل من سلَّ سيفه في الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.وهو أبو عبد الله بن الزبير الذي بُويع بالخلافة ولكن خلافته لم تمكث طويلًا،وزوج أسماء بنت أبي بكر المُلقّبة بذات النطاقين.

اسلامه: 

أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن ثمان سنوات،وكان إسلامه بعد إسلام أبي بكر الصديق، فقيل أنه كان رابع أو خامس من أسلم،هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يُطِل الإقامة بها، وتزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة

مشاركته في الغزوات:-

شارك في جميع الغزوات في العصر النبوي، فكان قائد الميمنة في غزوة بدر،وكان حامل إحدى رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة، وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله
وهو عنهم راض.» وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقَتَله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة رضي الله عنه.

روايته للحديث

كان الزبير مقلًا في رواية الحديث النبوي، ويرجع ذلك إلى أنه كان يخشى أن يخطأ في الرواية؛ فيكون بذلك قد كذب على النبي محمد، فقد سأله ابنه عبد الله بن الزبير: فقال له: «ما لك لا تحدث عن رسول الله
كما يحدث عنه فلان وفلان؟» فقال الزبير: «ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمة، سمعته يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»،
وقد روى عن النبي أحاديث يسيرة، وحدث عنه بنوه: عبد الله، ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عامر بن كريز، ومسلم بن جندب، وأبو حكيم مولاه، وأم عطاء وآخرون. واتفق البخاري ومسلم له على حديثين، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث، ومسلم بحديث

زوجاته

لقد تزوج سيدنا الزبير بن العوام من ثمانٍ نساء منهم

أسماء بنت أبي بكر أُولى زوجاته، تزوجها قبل الهجرة إلى المدينة، وولدت له خمسة أولاد هم: عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن: خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة، وكان الزبير غيورًا، وكانت أسماء تخشى غيرته، فتحكي أسماء فتقول: «تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شي غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله
على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله
ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: (إخ إخ). ليحملني خلفه، قاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله
أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله
وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك خادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني»

وكان الزبير شديدًا عليها فأتت أباها فشكت ذلك إليه فقال:«يا بنيّة اصبري فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثمّ مات عنها فلم تزوّج بعده جمع بينهما في الجنّة.»، ثم إن الزبير طلقها فكانت عند ابنها عبد الله، وقد اختلفوا في سبب طلاقها، فقيل: إن عبد الله قال لأبيه: «مثلي لا توطأ أمه! فطلقها.» وقيل: كانت قد أسنت وولدت للزبير عبد الله وعروة، والمنذر. وقيل: «إن الزبير ضربها فصاحت بابنها عبد الله، فأقبل إليها، فلما رآه أبوه قال: أمك طالق إن دخلتَ. فقال عبد الله: أتجعل أمي عرضة ليمينك؟! فدخل فخلصها منه»

أم خالد بنت خالد بن سعيد واسمها أمة، وهي ابنه الصحابي خالد بن سعيد بن العاص، وولدت له ولدين هما: عمرو، وخالد، وثلاث بنات هن: حبيبة، سودة، هند.

الرباب بنت أنيف ولدت له ولدين هما: مصعب، وحمزة، وبنت واحدة هي: رملة.

زينب بنت مرثد بن عمرو تُكنى أم جعفر، وقد ولدت له ولدين هما: جعفر، وعبيدة.

أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت زوجة عبد الرحمن بن عوف، ولدت له بنت واحدة هي: زينب.

الحلال بنت قيس بن نوفل ولدت له بنت واحدة هي: خديجة الصغرى.

عاتكة بنت زيد وقد طلقها قبل استشهاده فاستشهد وهي في عدتها.

تماضر بنت الأصبغ كانت زوجة عبد الرحمن بن عوف، تزوجها الزبير وطلقها بعد سبع ليالٍ.

أولاده

كان للزبير أحد عشر ابنًا وتسع بنات، وكان يُسمّي أبناءه بأسماء الشهداء، فقال: «بلغني أن طلحة بن عُبيد الله التيميّ يسمّي بَنيه بأسماءِ الأنبياء، وقد عَلمَ أنْ لا نبيّ بعد محمّد، وإني أُسمّي بَنيّ بأسماء الشهداء لعلّهم أن يُستَشْهَدوا.»

فأولاده البنين هم:

عبد الله بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر، وهو أكبر أبناء الزبير، ووهو أول مولود للمسلمين في المدينة المنورة بعد هجرة النبي محمد إليها، رفض بيعة يزيد بن معاوية، وبويع بالخلافة، واتخذ من مكة عاصمة لحكمه، وبايعته الولايات كلها إلا بعض مناطق في الشام، ولكن حاصره الحجاج بن يوسف الثقفي في مكة، وقُتِل سنة 73ه‍

عروة بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر، سماه الزبير باسم عروة بن مسعود الثقفي الذي كان يدعو قومه بالطائف فقتلوه،وهو من التابعين، أحد الفقهاء السبعة، ولد في خلافة عمر بن الخطاب سنة 23 هـ، لازم خالته عائشة بنت أبي بكر وتفقه بها.

المنذر بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر، سماه الزبير باسم المنذر بن عمرو الذي قُتِل يوم بئر معونة، ولد في خلافة عمر بن الخطاب، وغزا القسطنطنية مع يزيد بن معاوية في عهد معاوية،معلومة ولما بلغه خلاف أخيه عبد الله على يزيد، ذهب إلى أخيه، وقُتِل المنذر بمكة في حصارها مع أخيه سنة 64 ه‍

عاصم بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر، سماه الزبير باسم عاصم بن ثابت الذي في حادثة غزوة الرجيع.

المهاجر بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر، سماه الزبير باسم المهاجر بن زياد الذي قُتِل في فتح تستر.

جعفر بن الزبير، أمه زينب بنت مرثد، سماه الزبير باسم جعفر بن أبي طالب الذي قُتِل في غزوة مؤتة،مات في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك.

عبيدة بن الزبير، أمه زينب بنت مرثد، سماه الزبير باسم عبيدة بن الحارث الذي قُتِل في غزوة بدر.

عمرو بن الزبير، أمه أمة بنت خالد بن سعيد، سماه الزبير باسم عمرو بن سعيد بن العاص الذي قُتِل في معركة أجنادين، كان مع بني أمية ضد أخيه، وامتنع عن البيعة بولاية العهد ليزيد، لما دعا إليها معاوية، ثم استعمله والي المدينة عمرو بن سعيد الأشدق على شرطتها سنة 60 هـ، وأرسله الأشدق إلى مكة لقتال عبد الله فزحف عمرو بألفي مقاتل من المدينة إلى مكة، وقاتله مصعب بن عبد الرحمن، فأسره وأخذه إلى أخيه، فأمر بضربه، فقيل: مات تحت السياط، وقيل: صلب بمكة بعد الضرب، ثم أنزل، وقال ابن حزم: «قتله أخوه عبد الله قودًا (أي قصاصا)»

خالد بن الزبير، أمه أمة بنت خالد بن سعيد، سماه الزبير باسم خالد بن سعيد بن العاص الذي قُتِل في معركة مرج الصفر.

مصعب بن الزبير، أمه الرباب بنت أنيف، سماه الزبير باسم مصعب بن عمير الذي قُتِل في غزوة أحد، كان أميرًا على العراق في خلافة أخيه، واستطاع القضاء على ثورة المختار الثقفي، وقُتِل في معركته أمام جيش بقيادة عبد الملك بن مروان عند دير الجاثليق في جمادى الآخرة 72 ه‍

حمزة بن الزبير، أمه الرباب بنت أنيف، سماه الزبير باسم حمزة بن عبد المطلب المُلقب بسيد الشهداء والذي قُتِل في غزوة أحد.

وأولاده البنات

خديجة الكبرى، أمها أسماء بنت أبي بكر، هي أكبر بنات الزبير، ولدت قبل غزوة الخندق.

أم الحسن:، أمها أسماء بنت أبي بكر.

عائشة:، أمها أسماء بنت أبي بكر.

حبيبة:، أمها أمة بنت خالد بن سعيد.

سودة،: أمها أمة بنت خالد بن سعيد.

هند،: أمها أمة بنت خالد بن سعيد.

رملة: أمها الرباب بنت أنيف، تَزَوَّجَهَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، ونَقَلَهَا إِلَى دِمَشْقَ وَلَهُ فِيهَا أَشْعَارٌ.

زينب: أمها أم كلثوم بنت عقبة.
خديجة الصغرى: أمها الحلال بنت قيس

وفاته:-

كان الزبير من جملة أنصار عثمان بن عفان في الفتنة، فلما قُتِل عثمان ندم الزبير وأصحابه على عدم مساعدته، وعزموا على الأخذ بثأر عثمان، وبعدما بايع علي بن أبي طالب؛ طلب منه الزبير وطلحة تعجيل إقامة القصاص، واقترحا أن يخرجا للبصرة والكوفة، فقال طلحة: «دعني فلآت البصرة فلا يفجئك إلا وأنا في خيل»، وقال الزبير: «دعني آت الكوفة فلا يفجئك إلا وأنا في خيل»، فأمرهما علي بالتريّث.وبعد مرور أربعة أشهر من مقتل عثمان؛ خرج الزبير وطلحة معتمرين إلى مكة والتقوا بعائشة بنت أبي بكر وكان وصولهما إلى مكة في ربيع الآخر سنة 36 هـ، ودعا الزبير الناس إلى الأخذ بثار عثمان فقال:«ننهض الناس فيدرك بهذا الدم لئلا يبطل فإن في إبطاله توهين سلطان الله بيننا أبدا إذا لم يفطم الناس عن أمثالها لم يبق إمام إلا قتله هذا الضرب»

وقرروا الخروج إلى البصرة ثم الكوفة، والاستعانة بأهلها على قتلة عثمان منهم أو من غيرهم ثم يدعون أهل الأمصار الأخرى لذلك، ولما وصلوا البصرة؛ أرسل لهم والي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري يسألهم عن سبب قدومهم، فأرسل إليهم كلا من عمران بن حصين وأبي الأسود الدؤلي، فذهبا إلى عائشة فقالا: «إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا» فقالت: «والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول اللهﷺ
وأحدثوا فيه الأحداث وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾، ننهض في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل وأمر رسول الله ﷺ الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ونحضكم عليه ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره»، فأتيا طلحة فقالا: «ما أقدمك»، قال: «الطلب بدم عثمان»، قالا: «ألم تبايع عليا»، قال «بلى، واللج على عنقي وما استقيل عليا إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان»، ثم أتيا الزبير فقالا: «ما أقدمك»، قال: «الطلب بدم عثمان»، قالا: «ألم تبايع عليا»، قال «بلى، واللج على عنقي وما استقيل عليا إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان».

ورأى عثمان بن حنيف أن يمنعهم من دخول البصرة حتى يأتي علي بن أبي طالب، فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت عائشة تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وانحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف،وجاء حكيم بن جبلة العبدي – وكان من قتلة عثمان – وسب عائشة، وكان لا يمر برجل أو امرأة ينكر عليه أن يسب عائشة إلا قتله، فانتشب القتال، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فقُتِل عددًا ممن شارك في قتل عثمان قُدِر بسبعين رجلًا، واستطاع الزبير وطلحة ومن معهما أن يسيطروا على البصرة، وتوجه الزبير إلى بيت المال، وأخلى سبيل عثمان بن حنيف.

وصل علي بن أبي طالب إلى ذي قار، وأرسل الرسل بينه وبين طلحة والزبير وعائشة، فأرسل القعقاع بن عمرو إليهم فقال لعائشة: «أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟»، فقالت: «أي بني الإصلاح بين الناس». فسعى القعقاع بن عمرو بين الفريقين بالصلح، واتفقا على الصلح، ولما عاد القعقاع إلى علي وأخبره بما فعل، فارتحل علي حتي نزل بحياهم، ولما نوى الرحيل قال:«وإني راحل غدا فارتحلوا، ألا ولا يرتحلن غدا أحد أعان على عثمان بشيء في شيء من أمور الناس، وليغن السفهاء عني أنفسهم»، فلما قال هذا اجتمع جماعة من قتلة عثمان كـالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ، فقال الأشتر: «قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا»، وقال عبد الله بن سبأ: « يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون.»

فأشعلوا القتال بين الطرفين، وقُتٍلَ طلحة بن عبيد الله بعد أن أصابه سهم، وانصرف الزبير عن القتال، حيث التقى بعلي فقال له: «يا زبير! أنشدك الله أسمعت رسول الله
يقول: «إنك تقاتلني وأنت ظالم؟». قال: نعم! لم أذكره إلا في موقفي هذا»، فلما تذكّر الزبير ذلك انصرف عن القتال، فلقيه ولده عبد الله فقال له: «جبنا، جبنا» قال: «قد علم الناس أني لست بجبان، ولكن ذكرني علي شيئاً سمعته من رسول الله
، فحلفت ألا أقاتله»، ثم قال:

ترك الأمور التي أخشى عواقبهافي الله أحسن في الدنيا وفي الدين

وقيل إنه أنشد:

ولقد علمت لو أن علمي نافعيأن الحياة من الممات قريب

فلما رجع الزبير متوجهاً إلى المدينة لحقه ابن جرموز بوادي السباع فقتله وهو يصلي، فلما جيء به مقتولاً بكى علي بن أبي طالب وقال: سمعت رسول الله
يقول: «بشر قاتل ابن صفية بالنار».فكَان مَقتلُه بِوَادِي السِّبَاعِ بالْبَصْرَةَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.

ميراثه:-
كان ميراث الزبير أرضين بالغابة، ودارًا بالمدينة، ودارًا بالبصرة ودارًا بالكوفة، ودارًا بمصر، وكان عليه دَين يُقدّر بـ ألفي ألف ومائتي ألف،وكان أكبر هم الزبير قبل وفاته هو سداد هذا الدَين، وأوصى ابنه عبد الله بسداده، فقال له:«يا بُنَيّ، إنَّه لا يقتل اليوم إلاَّ ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أُراني إلاَّ سأقتل اليوم مظلومًا، وإنَّ من أكبر همِّي لَدَينِي، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بُنيَّ، إن عجزتَ عنْه في شيء فاستعِنْ عليْه مولاي، قال: فوالله ما دريتُ ما أراد حتَّى قلتُ: يا أبتِ مَن مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعتُ في كربة من دَينه إلاَّ قلتُ: يا مولى الزبير، اقضِ عنه دينَه، فيَقضيه.»، وأوصى بالثلث لبني عبد الله بن الزبير، وكان سبب تراكم هذا الدَين؛ أنه كان إذا أعطاه أحد الناس أمانة يستودعها عنده يجعلها الزبير دَينًا عليه خشية ضياعها، ويقول: «لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ»، واستطاع ابنه عبد الله سداد هذه الديون

مقتله في اعتقاد الشيعه
بعد أن اعتزل الزبير المعركة نزل على قوم من بني تميم في منطقة تسمى بوادي السباع، فقتله عمرو بن جرموز المجاشعي، ودفن بوادي السباع، ثم حوّل إلى البصرة.
احتز ابن جرموز رأسه، فجاء به إلى الأحنف، ثم أتاه علياً، فقال: قولوا لأمير المؤمنين: قاتل الزبير على الباب. فقال: بشروا قاتل ابن صفية بالنار. وأمر علي برأسه، فحمل إلى وادي السباع، فدفن مع بدنه، وجاءه ابن جرموز بسيفه، فقال عليّ: سيف طال ما جلى به الكرب عن وجه رسول الله
،وكان ابن جرموز ممن خرج على الإمام علي
يوم نهروان.

دعوة الإمام (علي ) عليه. في اعتقاد الشيعه
روي أنّ الإمام عليعليه السلام قال في خطبته يوم الجمل :

واعجبا لطلحة! ألبّ الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه طائعاً، ثم نكث بيعتي، اللهم خذه ولا تمهله، وإنّ الزبير نكث بيعتي، وقطع رحمي، وظاهر علي عدوي، فاكفنيه اليوم بما شئت.
مقبرته
ذكر ابن الجوزي في ضمن أحداث سنة 386: أنّ أهل البصرة في شهر المحرم ادعوا أنّهم كشفوا عن قبر عتيق، فوجدوا فيه ميتاً طرياً بثيابه وسيفه، وأنّه الزبير بن العوام، فأخرجوه، وكفنوه، ودفنوه بالمربد بين الدربين، وبنى عليه الأثير أبو المسك عنبر بناء، وجعل الموضع مسجداً، ونقلت إليه القناديل…وأقيم فيه قوّام وحفظة، ووقف عليه وقوفاً.

وينافيه ما روی الطبري أنّ الذي قتل الزبير أخذ سيفه وفرسه، كما نفی الشيخ المفيد انتساب القبر إلی الزبير.

وهاكذا قد اتتممنا الحديث في فقره من فقرتنا عن عظماء الاسلام
وقدتكلمنا عن الصحابي الجليل سيدنا الزبير بن العوام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights