حضارة وتاريخ

الحلقة السابعة المسحراتي..والي مصر عبدالله بن سعد

 

كتب : أحمد عثمان عوض

 

عبدالله بن سعد بن ابي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك .

 

أمه: مَهانة بنت جابر من قبيلة الأشاعرة

 

ولد فى مكة، سنة 23 قبل الهجرة .

 

كان يهجو رسول الاسلام قبل فتح مكه ، و كان يدّعي أن أباه هو الذي كان يملي عليه الوحي .

 

يقول سعد بن أبي وقّاص:

 

( لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن ابي السرح عند عثمان بن عفان ، فجاء به حتى أوقفه على النبي، فقال: يا رسول الله، بايع عبدالله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على اصحابه فقال: (اما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟) فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما فى نفسك، الا أومأت إلينا بعينك ؟، قال: (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين)

 

أسلم عبد الله بن أبي السرح أول مرة قبل صلح الحديبية وهاجر إلى المدينة المنورة وكان حسِن الإسلام وكسب ثقة النبي فجعله من كتاب الوحي مع عدد من الصحابة القادرين على الكتابة.

 

قالوا: وكان عبد الله بن سَعْد بن أَبِي سَرْح قد أسلم قديمًا، وكان يكتب لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الوحي، فربما أملى عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فكتب: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فيقرأه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فيقول: “كذلك الله”، ويقرّه. فافتتن عبد الله بن سعد وقال: ما يدري محمد ما يقول، إني لأكتب له ما شئت هذا الذي كتبت يوحى إليّ كما يوحى إلى محمد، وخرج هاربًا من المدينة إلى مكة مرتدًا، فأهدَر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، دمه يوم الفتح. فجاء إلى عثمان بن عفّان، وكان أخاه في الرضاعة، فقال: يا أخي، إني والله قد اخترتك على غيرك، فاحبِسني ها هنا، واذْهَبْ إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فكلّمه فيّ، فإن محمدًا إن رآني ضَرَبَ الذي فيه عيناي، إِن جُرْمي أعظم الجُرم، وقد جئتك تائبًا. فقال عثمان: بل اذهب معي. فقال عبد الله: والله لئن رآني ليضرَبنّ عنقي ولا يناظرني، قد أهدر دمي، وأصحابه يطلبونني في كل موضع. فقال عثمان: انطلق معي فلا يقتلك إن شاء الله. فلم يُرع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلا بعثمان آخذ بيد عبد الله بن سَعْد بن أَبِي سَرح واقِفَيْن بين يديه. فأقبل عثمان على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمه كانت تحملني وتمشيه، وكانت ترضعني وتفطمه، وكانت تلطفني وتتركه، فَهَبْهُ لي. فأعرضَ عنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وجعل عثمان كلما أعرَضَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، عنه بوجهه استقبله، فيعيد عليه هذا الكلام ــ وإنما أعرَضَ عنه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه لأنه لم يؤمِّنه ـ فلما رأى أن لا يقوم أحد، وعثمان قد أكبّ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقبِّل رأسه، وهو يقول: يا رسول الله تبايعه فداك أبي وأمي. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “نعم”، ثم التفت إلى أصحابه فقال: “ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله”، أو قال: “الفاسق؟!” فقال عباد بن بشر: ألا أومأتَ إليّ يا رسول الله؟ فوالذي بعثك بالحق إني لأتبع طرفك من كل ناحية، رجاء أن تشير إليّ فأضرب عنقه. ويقال: قال هذا أبو اليَسر، ويقال عمر بن الخطاب، ولعلهم قالوه جميعًا، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “إني لا أقتل بالإشارة”، وقائل يقول: إِن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال يومئذ: “إِن النبي لا تكون له خائنة الأعين”، فبايعه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على الإسلام. وجعل عبد الله بعد ذلك كلما رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يفر منه. فقال عثمان لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي، لو ترى ابن أم عبد الله يفر منك كلما رآك. فتبسَّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم قال: “أو لم أبايعه وأؤمنه؟” فقال: بلى، أَيْ رسول الله، ولكنه يتذكر عظيم جُرمه في الإسلام، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: “الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله”. فرجع عثمان إلى عبد الله بن سعد فأخبره، فكان يأتي فيسلم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، مع الناس

 

ارتداده عن الاسلام:

لما كان بيكتب الوحي النبي أملى عليه (سميع عليم) فكتبها عبد الله (عليم حكيم) وقال له النبي :” وهو كذلك أو كذلك الله – أي أن الله فعلاً السميع العليم وهو أيضاً العليم الحكيم – “. و عبد الله وقال: ما يدري محمد ما يقول، وترك المدينة المنورة و هرب لمكة ليلاً، وولما وصل مكة أعلن عودته لل الوثنية .

 

وهناك رواية أخرى أنه ارتد لما نزلت سورة المؤمنون نادى النبي الكتبة من الصحابة وكان منهم عبد الله بن أبي السرح ليكتبوها فرتل النبي محمد

 

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا….(14)» وأكمل النبي ترتيل الآية :

«ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ…(14)» .

فقاطع عبد الله ترتيل النبي من شدة انبهاره وعجبه في تفصيل خلق الله للإنسان فقال: “فتبارك الله أحسن الخالقين”. فرد عليه النبي محمد: “وهكذا أُنزلت عليّ – أي أن الآية نزلت عليه مثلما قال عبد الله – “. فشك عبد الله حينئذ، وقال: لئن كان مُحمد صادقاً لقد أوحي إليّ، ولئن كان كاذباً لقد قلت كما قال. فإرتد عن الإسلام وعاد للوثنية وهرب إلى مكة المكرمة فنزلت فيه وفي مسيلمة الكذاب والأسود العنسي هذه الآية:

 

«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ۗ…(93)» سورة الأنعام

وقال الطبري والمفسرون: أن “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ” نزلت في مسيلمة بن حبيب وعبد الله بن أبي السرح وَ “ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله” كان المقصود فيها هو عبد الله بن أبي السرح

 

فى خلافة عثمان بن عفان قاد معركة ذات الصواري و غرق 9 سفن من اسطول قسطنطس .

 

ولاّه عثمان بعد ذلك مصر في سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية سنة سبع وعشرين، وكان فارس بني عامر ابن لؤي المعدود فيهم، وكان صاحبَ ميمنة عمرو بن العاص في افتتاحه وفي حروبه هناك كلّها.‏ وولى حرب مصر لعثمان أيضًا، فلما ولاّه عثمان، وعزل عنها عمرو بن العاص جعل عمرو بن العاص يطعن على عثمان أيضًا، ويؤلّب عليه، ويسعى في إفساد أمره، فلما بلغه قَتْل عثمان وكان معتزلًا بفلسطين قال:‏ إني إذا نكأت قرحةً أَدْمَيتها، أو نحو هذا.‏ حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا الدُّولابي، حدّثنا أبو بكر الوَجِيهي، عن أبيه، عن صالح بن الوجيه، قال:‏ في سنة خمس وعشرين انتقضت الإسكندريّة، فافتتحها عمرو بن العاص، وقتل المقاتلة، وسبى الذّرية، فأمر عثمان بردِّ السبْي الذين سبوا من القُرى إلى مواضعهم للعهد الذي كان لهم، ولم يصحّ عنده نقضُهم، وعزل عمرو بن العاص، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان ذلك بدء الشّرِّ بين عثمان وعمرو بن العاص.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.

 

وفاته:

(توفي بعسقلان: سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين. وقيل: بقي إِلى آخر أَيام معاوية، فتوفي سنة تسع وخمسين. والأَول أَصح.)) أسد الغابة. ((قدم على عثمان.‏ واستخلف على مصر السّائب بن هشام بن عمرو العامريّ، فانتزى عليه محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، فخلع السّائب، وتأمر على مصر، ورجع عبد الله بن سعد من وفادته فمنعه ابن أبي حذيفة من دخول الفسطاط فمضى إلى عَسْقَلان، فأقام بها حتى قُتل عثمان رضي الله عنه، وقيل: بل أَقام بالرّملة حتى مات، فارًّا من الفتنة، ودعا ربَّه فقال:‏ اللهم اجعل خاتمةَ عملي صلاة الصّبح، فتوضأ ثم صلّى الصبّح، فقرأ في الرّكعة الأولى بأمّ القرآن والعاديات، وفي الثّانية بأمّ القرآن وسورة؛ ثم سلَّم عن يمينه، وذهب يسلِّم عن يساره، فقبض الله روحه، ذكر ذلك كلّه يزيد بن أبي حبيب وغيره، ولم يبايع لعليّ ولا لمعاوية، وكانت وفاته قبل اجتماع النّاس على معاوية، وقيل: إنه تُوفِّي بإفريقية، والصّحُيح أنه توفي بعسقلان سنة ست أو سبع وثلاثين.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights