اصل تعبير ” خالص بالص مالص “
اعداد : محمد الهادى الطواب
اهدتنى ابنتى الغالية نادين سمير لمعرفتها باهتمامى بمعرفة اصل الاشياء اهدتنى فيديو يؤصل لمعنى التعبير الدارج ” خالص مالص بالص” و كان اشهر من استخدم هذا التعبير هى الفنانة الراحلة ” شويكار ” فى اشهر افلامها مع زوجها الراحل الفنان فؤاد المهندس ، عندما كانت تردد بدلعها المعهود ” خالص مالص بالص ” و كنا كثيرا ما نسأل هل لهذه العبارة من معنى و لكن الكثيرين منا كانوا يعتقدون انها مجرد كلمات مسجعة مقفاة متفقة فى اخر حرفين من اجل اضفاء مزيد من البهجة و الدلع و خلافه ، و ماكنا ندرى ان لها معنى حقيقى و معنى عميق كما سوف نسرد عليكم سبب ورود هذه المقولة التى باتت شهيرة بين المصريين دون معرفة هذا السبب :
أصل الحكاية
ان القصة تعود الى عهد الفاطميين و الذين حدث فى عهدهم و ينسب اليهم الكثير و العجيب و الطريف من الحكايات و الطرائف و منها ما قيل عن الفاطميين انهم اول من بنى اسوارا حول مدينة القاهرة و كانت هذه الاسوار فى ظاهر الامر لتأمين و حماية القاهرة و لكن كان هناك سببا اخر خفى و غير معلن حيث كان الفاطميين اول من ابتدع ايضا نظام الضرائب الجمركية و المكوس على البضائع التى تدخل الاسواق فقاموا بتطويق المدينة و احاطتها بالاسوار و البوابات ، على عكس العواصم السابقة لمصر مثل مدينة الفسطاط فقد كانت مدينة بلا اسوار و بلا ضرائب او مكوس .
و بالفعل فقد تمكنت هذه الاسوار من التحكم فى دخول التجار و بضائعهم الى الاسواق و اصبح لا مفر من دفع الضرائب و الرسوم او المكوس الى موظفى الجمارك فى ذلك الوقت او هؤلاء الموكل اليهم تحصيل الضرائب.
و كان التجار يبيتون امام ابواب المدينة حتى اول ضوء فى صباح كل يوم جديد عندما تفتح المدينة ابوابها و يعاد اغلاق ابواب المدينة بعد المغرب مباشرة .
و يتزاحم التجار امام ابواب المدينة و يتصارعون لدخول المدينة للحاق بالاسواق و بيع تجارتهم و العودة قبل حلول المغرب و من اجل ذلك كان من بين هؤلاء التجار من كان يدفع الضريبة كاملة دونما نقصان او استثناءات و هذا كانوا يطلقون عليه لقب “خالص ” اى دافع مستحقات الدولة من رسوم و ضرائب و يعطى صك او ايصال رسمى مختوم “خالص ” و يستطيع بموجب هذا الصك ان يبيع بضاعته فى اى سوق او وكالة او اى مكان فى المدينة ، اما النوع الثان من التجار فهم هؤلاء الذين يستكثرون الضرائب المفروضة من الدولة و يحاولون تقليصها او تخفيضها او حتى الغاؤها و يعملون على رشوة اصحاب النفوس الخربة و المرتشين من موظفى الجمارك الموجودين على البوابات (تماما كما يحدث فى كل مكان و كل زمان ) و كانت اشهر الرشاوى فى ذلك الوقت عبارة عن “بلاص” عسل او بلاص مش او ما شابة ذلك و احيانا فى شكل قطع نقود و كان يسمى هذا الصنف من التجار باسم ” بالص” اى مانح بلاص او رشوة بمعناها العام و نحن حتى الان نسمع تعبير “بلصه” من بعض العامة بديلا لكلمة “رشاه” او دفع له رشوة … و كان الجنود فى وقت التفتيش يخبرون بعضهم الاخر بوجوب مرور هذا التاجر لانه ” بالص”
اما النوع الثالث من التجار فهم من تلك النوعية التى كانت تجارتهم صغيرة للغاية حمل بعير او حمار او ما شابه ذلك و يرى ان حجم البضاعة لا يجب ان يدفع عنها ضرائب او رسوم فكان يحاول ان يدخل فى نطاق او معية اى قافلة ممن دفعوا الضرائب بحيث يعتقد انه ينتمى اليها و بالتالى يمر معها دون دفع اى شئ يذكر و هذا الاخير يسمى “مالص” اى تملص من دفع الضرائب و الرسوم اى متهرب جمركيا و كانت الشرطة فى ذلك الوقت لها حق الضبطية القضائية و كانوا يستوقفون التجار فى الاسواق ليسألوهم عما اذا قد كانوا دفعوا الرسوم و الضرائب ام لا و كان رجال الشرطة فى ذلك الوقت يصنفون التجار الى ثلاثة اصناف ” الخالص ” و البالص” و “المالص” فيفرجون عن الاول و الثانى و يحصلون الضرائب و الرسوم مضاعفة من الثالث ” المالص” و هكذا اصبح الناس يتبادلون هذا التعبير من وقتها حتى الان و يصنفون الناس جميعا و ليس التجار فقط فيما بين خالص …و بالص..و مالص .