الأسرة ثم الأسرة قلعتنا الأخيرة
.
بقلم / ضياء الدين اليماني
كثرت في الآونة الأخيرة حوادث قتل الأزواج والزوجات ؛ وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي ؛ ومن الناس من نقل هذه الحوادث مازحاً ساحرا ؛ ولم يلتفت إلى ما تشير إليه من خطورة وتحذير للمجتمع من انهيار منظومة الأسرة إن لم نتدارك الأمر .
فنحن الآن في المراحل الأخيرة لمخطط القضاء على الأسرة، وهدم ما تبقى من قيمتها ومكانتها..
بدأ الأمر بالسخرية من رابطة الزوجية والتنقص منها حتى أصبح الزواج أصبح عند الشريحة العظمى من الناس قرين النكد شقيق البؤس أخو الفقر والعوز والدين..
هناك جيوش الكترونية على وسائل التواصل مستعدة بفيديوهات السكاكين، والنساء القويات، وحفلات الشجار في البيوت، وقصص البيوت العنكبوتية، وغير ذلك.
بل ثبت أن آلاف القصص الزواجية التي تحكى على بعض المواقع غير الحقيقة إنما هي قصص لا محل لها من الحقيقة، وكلها تؤدي إلى نهاية واحدة:
البيوت جحيم والزوجية إلى زوال، والأسر متفككة، فانج منها يا سعد، فقد هلك سعيد.
لا أنكر أن هناك مشكلات حقيقية أصابت البيوت جراء انفتاح العالم على بعضه البعض، وضعف الجانب المادي، والانحلال الأخلاقي الرهيب، ويسر العلاقات الالكترونية.
لكن تعاطي الدول، والمؤسسات مع الأسرة ما زال ضعيفا، والأزواج المساكين يستسهلون حلول الطلاق لقلة خبرتهم، وقصر أنفاسهم، وكثرة التدخل الهادم لا الباني.
الأسرة على المحك، والأمر مخطط له وليس عفويا، ونحن نشارك فيه ولو بالمزاح..
وكل ما يبغض الأسرة في نفس الشباب يحبب الفاحشة، أو العلاقة الآثمة إليهم، وهذا ما يراد لنا ؛ في أحد المؤتمرات الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة عن الأسرة كان الحديث عن الدعوة إلى الحرية الجنسية، والعلاقة خارج إطار الزواج، وحرية الشذوذ، أضعاف ما يدعو للأسرة المستقرة والبيت الهانئ، حتى أن بعض الحاضرين من الغيورين ثاروا في القاعة جراء وقاحة الطرح وعلانية المقصد بعدما كان هذا الأمر من قبل تلميحا لا تصريحا.
والحل من وجهة نظري يكمن في عودة الاحتضان المجتمعي لقضايا الأسرة..
لا بد من وجود لجان في كل حي وعائلة وقرية ومدينة يحفظون للبيوت حرمتها وقدرها واحتشامها..
يحلون مشكلات الشباب قبل تفاقمها، ويسنون القوانين العرفية التي تعوض غياب الدولة التي لا تحضر إلا عند خراب البيوت.
الحل في وجود الكبار من ذوي التعقل الذين يقفون للزوج إذا تجاوز وللزوجة إذا قصرت في جو من الوالدية الحازمة..
لأن هذا الجيل والله مسكين، ازدادت حوله الفتن المدبرة وقلت معها العقول العاقلة المتدبرة.
والمجتمع هو الذي حمى الله به الأسرة لمئات السنين، وهو الذي يستطيع فعل ذلك لمئات أخرى.
لأن البديل أصعب مما نتخيل.. حتى أن الغرب الذي سبقنا لهذا التحلل يبكي الآن منه دما.
الأسرة يا سادة… قلعة أمتنا القوية، والقوم إن هدمت قلعتهم كشفت ظهورهم.
وظهورنا الضعيفة لا طاقة لها بانكشاف جديد.