حضارة وتاريخ

قصة “معبد أبيدوس” الذي أشتهر بأسطورة “إيزيس وأوزوريس”

 

بقلم الباحثة : تسنيم البيلي

 

يعتبر معبد أبيدوس أحد مفاخر العمارة المصرية، شيده الملك سيتى الأول وأكمله أبنه الملك رمسيس الثاني. وقد عرف المعبد بأسم يدل على عظمه البناء وروعه التصميم فأطلق عليه (بين ملايين السنين للملك من_ماعت_رع مبتهج القلب فى أبيدوس).

 

يقع معبد أبيدوس على بعد 60 كيلو متر من محافظة سوهاج في إحدى قرى مركز البلينا. ويحتوي معبد أبيدوس الذي اشتهر بأسطورة إيزيس وأوزوريس على مقتنيات ملوك حكموا مصر في عهد الدولة الحديثة وهو العصر المعروف بالقوة ويعد واحداً من أقدس الأماكن في مصر القديمة.

 

تتكون معظم جدران المعبد وبلاط الأرض وبعض الأساطين من حجر الجير وبعض الجدران وأغلب الأساطين والسقوف من حجر رملي وكان يتقدمه صرح سامق زو برجين وكان في ظهر كل برج سبع مشكاوات كانت فيها تماثيل للملك في شكل اوزيريس. ومدخل الصرح يؤدي إلي قناء في مؤخرته صفة ترتفع عن الارض ويؤدي إليها درجان بين ثلاثة أحادير علي المحور الرئيسي للمعبد وفي جدارها مشكاوات عميقة.

 

وكان وراء الصفة فناء ثاني في مؤخرته صفة ثانية يحلي واجهتها الكورنيش المصري ويتخلل جدرانها سبعة ابواب تقابل المقصورات السبعة التي يشتمل عليها المعبد علي خلاف المعابد المصرية. وقد سد رمسيس الثاني جميع الأبواب ما عدا الباب الأوسط، وسجل علي الجدار الخلفي للصفة ما يعرف بنص الإهداء وهو نص طويل يقع في 116سطر سجل فيه رمسيس الثاني الحالة التي ترك عليها عليها أبوه المعبد وما أداه هو من أعمال وقد زكر انه أختار بنفسه رجل يشرف علي أعمال البناء وكلف بالعمل فرقا من العمال والحجارين والمصورين والرسامين وعين كهنة مطهرين وكاهنا ك تمثال الآله ليشرف علي الطقوس ومؤن المخازن وسجل ممتلكات المعبد، وزاد في عدد الكهنة علي إختلاف طبقاتهم بما يكفل أداء جميع العمال.

يفضي الباب الاوسط للمعبد إلي بهو الأساطين وهو يعرض المعبد ويشتمل علي سبعة أروقة تقع علي محاور المقصورات السبعة وتؤدي إليها وتتخلل كل رواق أربعة أساطين في صفين ويمثل كل أسطون حزمة بردي بساق أسطوانية ملساء محلاه بالصور والنقوش.

 

وفي الجدار الخلفي سبعة أبواب تؤدي إلي بهو ثاني علي شاكلة البهو الأول غير انه كان أكثر عمقا إذ تتخلل كلا من اروقته ستة أساطين في صفين، والأساطين الأربعة الأولي بتيجان بردية، والأسطونان الأخيران بساقين أسطوانيتين، ويقومان علي سطح أعلي قليلا يؤدي إليه أحدور وفي الجدار الخلفي أبواب المقصورات في صف واحد ويعلو كل باب الكورنيش المصري، وبين كل بابا وآخر مشكاة يزين أعلاها قرص الشمس المجنح وكانت تخلي جدرانها نقوش مختلفة وظن أنها كانت تحتوي علي تماثيل. وما يلفت التظر ويدعو إلي التفكير إختلاف طراز الاسطوانين الآخرين عن طراز الأساطين الأربعة الأولي علي أنه ليس من شك في أن هذا الأختلاف كان مقصود وأنه اريد به التمييز بين الأساطين أمام المقصورات السبع وبين أساطين بقية البهو كأنما قصد إلي أن يكون أمام واجهتها ما يشبه الصفة ويؤيد ذلك أرتفاع السطح الذي تقوم عليه.

 

وكانت المقصورات من الجنورب إلي الشمال لعبادة (سبتي) و(بتاح) و(رع حور) و(اوزيريس) و(إيزيس) و(حورس). تقع مقصورة آمون (إله الدولة وملك الآلهة) في مكان الشرف في الوسط وتتألف كل مقصورة فيما عدا مقصورة اوزيريس من قاعة مستطيلة بسقف علي شكل عقد كاذب من الحجر وقد بني أولا علي شكل عقد مدرج يتم نحت سطحه الأسفل ليبدو وكأنه عقد صادق، ولهذا ما يماثله في معبد الدير البحري من عهد حتشبسوت وفي مقصورة حتحور من عهد رمسيس الثالث. ويحلي الجدار الخلفي بابان وهميان من داخل إطار واحد، نقش النحات بينهما اسطولا صغيرا علي شكل غصن بردي يلتف حوله صل وبذالك وقف أحسن ما يكون في ابتداع عنصر مناسب بين البابين ويعلو البابين مستطيل يشغل اعلاه عقد وتتخلله علامة الدوام (عمود اوزيريس)، وصور ارواح حارسة، وتبدوا جميعها وكأنها مفرغ بينهما علي نحو المشربيات وفي كل من طرفي العقد صورة لأبي الهول رابض تتسق رأنسه وظهره مع إنحناء العقد وتتفق الخطوط المقوسة في هذا الزخرف أحسن ما تكون وتقوس السقف. وتؤدي مقصورة اوزيريس إلي بهو اساطين خلف المقصورات الثلاثة الوسطي بما كفل لإله أبيدوس مكانا ممتازا في المعبد لا يقل عن مكان آمون. وعلي يمين البهو ثلاث مقصورات ل(إيزيس) و(سيتي) و(حورس)، وعلي يساره بهو صغير تطل عليه ثلاث قاعات صغيرة مهدمة. وعلي غير المعتاد في المعابد المصرية أضيف إلي يسار الجزء الخلفي من المعبد جتاح يؤدي إليه باب في جنوبي بهو الاساطين الثاني ويشتمل علي عدة قاعات وأبهاء منها مقصورتان ل(بتاح سكر) و(نفرتم) من آلهة منف، ودهليز نقشت علي جدرانه أسماء معظم ملوك مصر من (مينا) إلي (سيتي الأول) تؤلف بما يعرف ب(قائمة أبيدوس)، ومذبح تحيط الأساطين بثلاث جدران منه ويقع مدخله علي فناء كبير خارجي كانت تقاد إليه الضحايا من الحيوان بعيدا عن قاعات المعبد، ومن قاعاته ايضا قاعة قرابين او زوارق تدور بجدرانها رفوف مشيدة ودهليز في نهايته درج يؤدي إلي خارج المعبد. وعلي جدران المعبد نقوش دقيقة تتميز برشاقة خطوطها وجمال تفاصيلها وبهجة ألونها وتمثل شعائر مختلفة يؤديها سيتي الاول للكثير من الآلهة. وقد وقف سيتي الاول علي هذا المعبد إيراد مناجم الذهب في البرامية في الصحراء الشرقية(أعظم مناجم الذهب وقتها)، كما وقف عليه إيضا إيراد الأقاليم التي استولي عليها. ونقش في الصخر عند نوري شمال الشلال الثالث بقليل نصا طويلا حرم فيه علي جميع الإدارات والموظفين ان يكلفوا احدا من خدم المعبد بأي عمل من اعمال السخرة في كافة انحاء البلاد أو ان يحجزوا آية سفينه للمعبد او ان يفرضوا الضرائب او يصادروا آي مما يملكه المعبد، وكفل به حماية جميع من يعمل للمعبد في كافة البلاد وفرض عقوبات شديدة علي من يخالف هذه التعليمات.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights