أقلام حائرة

إطلالة على تاريخ مكة المكرمة في العصور القديمة

 

بقلم جمال حامد

يرجع تاريخ مكة المكرمة إلى 2000 سنة قبل الميلاد وكانت عبارة عن وادي جاف تحيط به الجبال من كل جانب حيث بدأ الناس في التوافد عليه إلا أن مكة المقدسة يرتبط تاريخها ارتباطاً وثيقاً بالمسجد الحرام وتاريخ  بنائه لاسيما وأن هناك تباين بين المؤرخين حول بناء المسجد حتى عدد بعضهم إحدى عشر بناءً للمسجد الحرام نذكر منها :

بناء الملائكة :

أورد ألأزرقي في كتابه تاريخ مكة سبب بناء الملائكة للبيت العتيق ما قاله علي بن الحسين رضي الله عنهما قال : لما قال الله تعالى للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة

قالت الملائكة : أي ربي خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون ) البقرة أية 30 فغضب عليهم ولاذوا بالعرش ورفعوا أصابعهم يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات وقيل سبعة أطواف فرضي الله  عنهم وقال لهم ابنوا في الأرض بيتاً يعوذ به كل من سخطت عليه من خلقي فيطوف حوله كما فعلتم  بعرشي فأغفر له كما غفرت لكم فبنوا البيت الحرام وفي رواية أخرى  ابنوا لي بيتاً على مثال البيت المعمور وقدره ففعلوا وأمر الله تعالى ان يطاف به كما يطاف بالبيت المعمور وأن هذا كان قبل آدم عليه السلام .

 

بناء آدم عليه السلام

كما ورد في كتاب تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام لأبي البقاء محمد بن أحمد بن محمد ابن الضياء المكي الحنفي عن ابن عباس قال : لما هبط آدم إلى الأرض كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته قال: فطأطأ الله منه إلى ستين ذراعاً فقال يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم.

 

قال: خطيئتك ياآدم ، ولكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به ، واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تفعل حول عرشي قال: فأقبل آدم يتخطى فطويت له الأرض وصارت كل مفازة يمر بها خطوة ، وقيض له ما كان من مخاض أو بحر فجعل له خطوة وفي رواية أن الخطوة مسيرة ثلاثة أيام ولم تقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمراناً وبركة حتى انتهى إلى مكة فبني البيت الحرام وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت في الأرض السفلى فقذفت فيه الملائكة الصخر (ما يطيق) الصخرة منها ثلاثون رجلاً وبناه من خمسة اجبل من :  لبنان وطور زيتا وطور سيناء والجودي وحراء حتى استوي على وجه الأرض وقال بن عباس فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم حتى بعث الله الطوفان وقد أورد يا قوت الحموي في معجم البلدان الجزء (1) الصفحة 254قال نفطويه سميت بذلك لأنها أصل الأرض ومنها دحيت .

 

بناء الخليل عليه السلام :

روى مجاهد أن سبب بناء الخليل عليه السلام للبيت أنه كان قد خفي ودرس مكانه من الغرق أيام الطوفان فصار موضعه أكمة حمراء مدورة لا تعلوها السيول غير أن الناس يعلمون موضع البيت فيما هنالك ولا يثبتونه وكان المظلوم يأتيه من أقطار الأرض ويدعو عنده فلا يقال دعاء عنده إلا استجيب له وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن الأنبياء كانوا يحجون عنده ولا يعرفون مكانه حتى بوأه الله لخليله إبراهيم عليه السلام وأعلمه مكانه ويروى أن الخليل حينما بني الكعبة كان عمره مائة سنة وابنه إسماعيل ست وثلاثون سنة وأن الله أرسل معه السكينة وكانت كغمامة تغشى الأرض كالدخان وفي وسطها كهيئة الرأس يتكلم وكانت بمقدار البيت فلما انتهى الخليل إلى مكة وقفت في موضع البيت ونادت يا إبراهيم ابن على كمقدار ظلي ولا تزد ولا تنقص ويروي ابن عباس أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بنيا البيت رضماً  أي رص حجر فوق حجر بدون ملاط ولا سقف وعندما انتهيا من البناء طلب الخليل إبراهيم من إسماعيل حجراً يضعه في موضع بدء الطواف وتعددت الروايات في شأن الحجر الأسود فقيل نزل من الجنة وقيل جيء من جبل أبي قبيس لأن الله استودعه إياه عند غرق الأرض بالطوفان وفي رواية أن الحجر نادى الخليل من جبل أبي قبيس ها أنا ذا فرقى إليه فأخذه فوضعه في موضعه إلى اليوم .

 

وقد جعل الخليل طول البيت من ركن الحجر إلى الركن الشامي اثنين وثلاثين ذراعاً ومن الركن اليماني إلى الغربي عشرين ذراعا ومن الشمالي إلى الغربي اثنين وعشرين ذراعاً ومن اليماني إلى الحجر عشرين ذراعاً وجعل بابه بالأرض غير مبوب حتى جاء تبع أسعد الحميري فكان هو الذي جعل له باباً وغلقاً فارسياً وكساه كسوة تامة ونحر عنده وجعل الخليل الحجر إلي جنب البيت عريشاً من آراك وحفر في بطن الكعبة جباً يكون خزانة البيت يوضع فيه ما يهدى للكعبة وهو الذي نصب عليه عمر بن هبل صنم قريش الذي تعبده وتقسم عنده بالأزلام فكان أول من غير دين إسماعيل ودعا العرب لعبادة الأوثان .

بناء جرهم والعماليق :

تباينت الروايات حول بناء الكعبة هل بنتها قبيلة جرهم أم بنتها العماليق لكن الأزرقي في كتابه بالسند عن علي بن أبي طالب ذكر أن العماليق بنتها قبل جرهم ولم تفصل كتب السيرة ولا التاريخ في ذلك إلا أن الشاعر زهير ابن أبي سلمى قال :

فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله      رجال بنوه من قريش وجرهم

فهنا أقر زهير ابن ابي سلمى ببناء جرهم وقريش للبيت الحرام ولم يذكر العماليق في بيته

 

 

بناء قصي بن كلاب:

عندما آل أمر البيت إلي قصي بن كلاب في القرن الثاني قبل الهجرة هدم الكعبة وبناها فأحكم بناءها وسقفها بخشب الدوم وجذوع النخيل وبنى بجانبها دار للندوة وهي أول بناء بعد الكعبة في مكة وكانت بها حكومته ومحل الشورى مع صحابته ثم قسم جهات البيت العظيم بين طوائف قريش فبنوا

الروايات بأن امرأة ذهبت تجمر الكعبة أي تبخرها بالطيب فطارت شرارة من مجمرها فاحترقت الكسوة وكانت ركاماً بعضها فوق بعض فتصدعت دورهم على المطاف حول الكعبة وفتحوا عليها أبوابها .

بناء قريش :

ومما يذكر أنه دخل سيل عظيم فدخل البيت فزاد تصدعاً ففزعت قريش فبينما هم على حالهم إذ وصلهم نبأ تصدع سفينة على ساحل الشعيبة وهو ساحل مكة فانكسرت فقصدوها واشتروا خشبها وأذنوا لأهلها أن يدخلوا مكة وكان بها نجار يدعى باقوم فبنى الكعبة لقريش ولما هابت قريش هدم الكعبة رأي الوليد بن المغيرة بن مخزوم أن الله لا يهلك من يريد الصلاح فارتقى على ظهرها بمعوله ثم هدم فلما رأوه سالماً تابعوه وهدموها وبنوها بحجارة الوادي ورفعوها ثمانية عشر ذرعاً في السماء وقد حضر النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء وكان يحمل الحجارة وسنه صل الله عليه وسلم خمسة وثلاثون سنة واختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود حتى رضوا بأول داخل عليهم فكان صلى الله عليه وسلم أول داخل فوضعه بيده الشريفة

بناء الكعبة بعد الرسالة المحمدية

بعد انتشار الدعوة الإسلامية تم بناء الكعبة وزيادة مساحتها على يدي عبد الله بن الزبير  بن العوام رضى الله عنهما وبعد مقتل عبد الله بن الزبير تم بناء الكعبة على يد الحجاج بن يوسف الثقفي كما تم بناؤها في العهد العثماني على يد السلطان مراد وسوف نعود اليها بالتفصيل في هذا الكتاب عند الحديث عن توسعة الكعبة في العصر الإسلامي .

 

العناصر المعمارية في الكعبة المشرفة

الحجر الأسود : وهو الذي وضعه سيدنا ابراهيم في الركن الشرقي للكعبة ومنه يبدأ الطواف

الركن اليماني: موازٍ للحجر الأسود وهما على قواعد سيدنا إبراهيم عليه السلام

الشاذرون: البناء المحيط بأسفل جدار الكعبة ومن أصل جدرانها

الميزاب: مصب نزول الأمطار يوجد في أعلى الجهة الشمالية ويبرز حوالي 2متر ناحية حجر إسماعيل.

مقام إبراهيم: وهو الحجر الذي وقف عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يبني الكعبة المشرفة وقد أمر الله المسلمين أن يتخذوا منه مصلى ( واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى)

 

 

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights