أقلام حائرة

رنين محمد التلباني تكتب: رحلة القبح

 

 

بقلم : رنين محمد الثلباني

 

أدرك الآن أن كل الأفكار التي تربى عليها كانت خاطئة، وعليه أن يعيد ترتيب حياته وأفكاره من جديد،  ويرمي فكرة أنه رجل وسيم  مميز في القمامة، فما جدوي جماله..!، ذلك الذي ملأ حياته الزوجية بالنكبات والألام النفسية، وجعل زوجته الجميلة الرقيقة تنفر مبتعدة عنه، رغم كل محاولات الإصلاح الأسري التي حرص عليها.

 

عاني كثيراً من فشل حياته الزوجية، وفت في عضده فقدان رؤية طفله.. ثمرة زواج لم تدم أكثر من عام ونصف.

 

شهور طويلة مرت لم ينظر فيها لمرآة، وكأنه كره تلك الوسامة، ذلك الكره الذي دفعه لكسر جميع المرايا في منزله الكئيب، ورفع صورة والديه المعلقة على الحائط، ليحملها في خزانة بعيدة محملها مسؤلية       ما انتابه من ألم.

 

ذات مساء على إحدى المقاهي بينما جلس ينفث دخان نرجيله كثيف، خطر له خاطر جعله يبتسم  ابتسامة المقتنع، فهب واقفا ماشيا تحت رذاذ مطر خفيف، يفكر بصوت عال، ولما لا؟.. نعم لأجرب.

 

 

في اليوم التالي ذهب إلى صديق حميم برغبته، قائلاً له: أريد الزواج من امرأة “دميمة”، لم يتمالك الصديق نفسه فانفجر ضاحكاً، تلك الضحكة التي أزعجته، فحزم معلقا: “أنا بتكلم بجد”.. كف الصديق عن سخريته مستطردا: “لنبحث عن أقبح امرأة، ولتهنأ بها”.

 

مرت أيام جاب فيها الشوارع متفحصا كل الوجوه، باحثا عن “القبح الأنثوي” بلهفة شديدة، وفي نفس الوقت أخذ صديقة الأمر أيضا علي محمل الجد.

 

ذات صباح رن جرس الهاتف المحمول معلناً عن ذلك الصديق، يقول: “أبشر لقد عثرت علي بغيتك”، فانتفض فرحاً، وأسرع إلى الموعد والمكان المحددين، وهناك ألفى صديقه جالساً أمام امرأة قصيرة القامة، كبيرة الرأس، فطساء الأنف، بعينين صغيرتين تحيطهما هالة أكثر سواد من بشرتها، تنتأ خلال شفتيها الغليظتين أسنان الفك، ويتوج هذا كله شعر أجعد قصير.

 

ألقى السلام، وجلس أمامها بينما انصرف الصديق، وما أن رأته حتى أكفهر وجهها، وبان عليها الغضب، وأرادت المغادرة، فاستبقها متسائلاً عن السبب، فأخبرته في حدةٍ أن صديقه خدعها وكذب عليها، فسألها متعجباً: لماذا؟، صمتت ولم تجب

ففاتحها مباشرة برغبته في الزواج منها، استمعت إليه على مضض وحين أنهى طلبه قالت بشئ من الاشمئزاز: “آسفة.. أرفض

بُهت مما سمعت، وبعد ثوانٍ من صمت حائر، سأل:لماذا؟، قالت لأنني أبحث بعد طلاقي من رجل وسيم عن أقبح رجل، وغادرت المكان تاركة إياهُ في ذهول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights