سياسة

نص كلمة الرئيس السيسي بالمؤتمر الصحفي مع نظيره الأوغندي

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، بقصر الاتحادية، رئيس جمهورية أوغندا يويري كاجوتا موسيفيني، في زيارة رسمية شهدت مراسم استقبال مهيبة، تخللها عزف السلام الوطني لكل من مصر وأوغندا.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الزعيمين عقدا اجتماعًا مغلقًا، أعقبه جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بين القاهرة وكمبالا.

وأكد السيسي وموسيفيني خلال المباحثات حرصهما على توسيع مجالات التعاون، لا سيما في الملفات السياسية والتجارية والاستثمارية، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين ويعزز الاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية.

وعقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا استعرضا من خلاله نتائج المباحثات.

إليكم نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الأوغندي:

أخي فخامة الرئيس يويري موسيفيني،

رئيس جمهورية أوغندا،

يسعدني أن أرحب بكم اليوم، والوفد المرافق لكم، في بلدكم الثاني مصر، في زيارة نثمنها غاليا، حيث تأتي في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع بلدينا وشعبينا الشقيقين، المرتبطين برباط نهر النيل الأزلي، ويجمعهما عقود من التضامن والتعاون في مختلف المحافل والمجالات.

السيدات والسادة.. شهدت العلاقات الثنائية المصرية الأوغندية تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، بما يعكس العلاقات والمصالح الوثيقة التي تربط بلدينا، ولقد أكدت خلال مباحثاتنا اليوم مع فخامة الرئيس موسيفيني حرص مصر على الارتقاء بالعلاقات مع أوغندا إلى آفاق أرحب، وتطلعنا لأن تمثل زيارة فخامته انطلاقة جديدة نحو شراكة حقيقية بين بلدينا، وقد شهدنا اليوم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون الفني، في مجال إدارة الموارد المائية، وفي مجال التعاون الزراعي والغذائي، وفي مجال الاستثمار، وفي مجال الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، وفي مجال التعاون الدبلوماسي لدعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي.

وناقشنا اليوم كذلك سبل تفعيل التعاون الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، واتفقنا على الإسراع في إجراءات تشكيل مجلس أعمال مشترك، وتشجيع الزيارات بين مجتمع الأعمال، بما يسهم في تحقيق المصالح المتبادلة.

وفي هذا الإطار، سوف ينعقد منتدى الأعمال المشترك على هامش الزيارة للتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين، والبدء في اتخاذ خطوات تنفيذية وفعالة في هذا المجال.

تطرقنا كذلك إلى فرص التعاون في مجال التدريب وبناء القدرات، كما أكدنا حرصنا على المضي قدما في التعاون في مجال مكافحة الأمراض البيطرية، فضلا عن اهتمامنا المتنامي بالتعاون في قطاع الطاقة.

وفي المجال الأمني، اتفقنا على مواصلة التعاون القائم، لا سيما ما يشهده من تطورات مهمة انطلاقا من الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لمصر، والاتفاق على عقد لجنة التعاون العسكري سنويا.

السيدات والسادة.. تبادلت وأخي الرئيس “موسيفيني” الرؤى حول نهر النيل، شريان الحياة لبلدينا، وتوافقنا على أن التعامل الأمثل بين دول حوض النيل يتعين أن يتأسس على ضرورة تعزيز العمل لتحقيق المنفعة المشتركة، والعمل المشترك للحفاظ على هذا المورد الحيوي وتنميته، والتعاون بصيغة “مراعاة مصالح الجميع”، وعدم إيقاع الضرر وفقا لقواعد القانون الدولي، وكما ذكر فخامة الرئيس “موسيفيني” بحكمته البالغة: “بدون الحفاظ على بيئة حوض النيل، لن نجد شيئا نتقاسمه”.

من هذا المنطلق، أكدت لفخامة الرئيس “موسيفيني” دعمنا الكامل لجهود التنمية في أوغندا، وبقية الأشقاء في دول حوض النيل الجنوبي، واستعدادنا للمساهمة في تمويل مشروع سد “أنجلولو” بين أوغندا وكينيا، وذلك من خلال الآلية التي أطلقتها مصر للاستثمار في مشروعات البنية التحتية في حوض النيل بتمويل مبدئي قدره 100 مليون دولار.

كما يسعدني الإعلان عن إبرامنا اليوم مذكرة تفاهم جديدة في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية للبناء على التعاون الممتد لأكثر من عشرين عاما بين البلدين، حفاظا على بيئة نهر النيل وتنمية لموارده، بقيمة إجمالية تبلغ 6 مليون دولار على خمس سنوات، تأكيدا على التزامنا الراسخ بدعم التنمية في أوغندا وبقية دول حوض النيل الشقيقة.

وفي ذات السياق، أكدت ثقتنا في الدور البناء الذي تقوم به أوغندا لقيادة العملية التشاورية في مبادرة حوض النيل لاستعادة الشمولية والتوافق بين دول الحوض لتحقيق المنفعة المتبادلة.

كما شددت على رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، الذي سعينا أن يكون مصدرا للتعاون لا للصراع. ومخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي، وسنظل متابعين وسنتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية.

واسمحوا لي هنا أن أتوقف لأن هذه الموضوع كان محل نقاش طويل بيني وبين فخامة الرئيس موسيفيني.. أولا لحكمته وثانيا لخبرته الطويلة.. والحقيقة أننا توافقنا على أن موضوع المياه مهم جدا، وأن التنمية أيضا مهمة.. ونحن موقفنا كان واضحا منذ البداية.. وأننا لا نرفض أبدا تنمية شركائنا وأشقائنا في دول حوض النيل.. ليس لدينا مشكلة في ذلك، وأنه يجب ألا يكون لهذه التنمية تأثير على حجم أو حصة المياه التي تصل إلى مصر.

ووجدت في النقاش مع فخامة الرئيس وجهة نظر يجب أن أذكرها لكم.. حيث تساءل فخامة الرئيس إن كنا جميعا معا.. فذكرت أننا جميعا معا بالطبع.. وأنه لا يوجد خلاف على ذلك.. وذكر الرئيس موسيفيني أن حجم المياه الذي يسقط على الحوض، سواء كان النيل الأزرق أو النيل الأبيض، بالأسس العلمية يصل إلى 1600 مليار متر مكعب من المياه سنويا.. وأنه يتم تقسيم هذه المياه على جزء إلى الغابات والمستنقعات، وجزء يستخدم في الزراعة، وجزء يتخبر، وجزء إلى المياه الجوفية، والجزء اليسير هو الذي يصل إلى النيل الأبيض والأزرق.. وهو تقريبا 85 مليار متر مكعب من المياه الذي نتحدث عنهم.. بما يمثل نحو 4٪ من الـ 1600 مليار متر مكعب.

وحينما نطلب أن هذا الحجم من المياه يصل إلى مصر والسودان من أجل العيش بهم حيث أن ليس لدينا مصدر آخر بخلافهم، هل يعنى ذلك رفض التنمية في دول الحوض أو رفض الاستفادة من المياه المتاحة لديهم سواء كان في الزراعة أو في انتاج الكهرباء؟ لا بالطبع.. وأؤكد ذلك هنا.. أمام فخامة الرئيس وأمامكم.. وأقول للمصريين أن موقفنا منذ البداية أننا لسنا ضد التنمية.

ولم نتحدث حتى عن الاقتسام العادل للمياه، حيث أن ذلك سيعني التحدث عن الـ 1600 مليار متر مكعب من المياه… وإنما نتحدث عن المتبقي وهو لا يزيد عن 4٪ أو 5٪.. وذلك أمر مهم جدا.. فنحن لا نردد “نحن وهم”.. بل نحن جميعا.. فلا أقول مصر والسودان فقط وهم.. وإنما أقول أننا جميعا معا.. نعيش جميعا، وننمو جميعا، ونتعاون جميعا من أجل ازدهار واستقرار بلادنا. ومن أجل ذلك، أؤكد مرة أخرى فيما يتصل بموضوع المياه بالنسبة لمصر أن ليس هناك سبيلا آخرا لنا… وقد ذكر لي فخامة الرئيس أن مصر تعني “الحديقة” في أوغندا.. وهذه الحديقة لا يوجد لها مصدر آخر من المياه سوى النيل، فلا يوجد أمطار.. وبالتالي فلا أحد يمكن له التصور أن مصر ستتخلى عنها، فالتخلي عن أي جزء منها يعني التخلي عن حياتنا.. وذلك أمر لن يحدث.

ودت ذكر هذه النقطة، ونعول كثيرا على اللجنة السباعية بقيادة أوغندا لأن تصل بنا إلى توافق لاستفادة الجميع والتعاون لدول الحوض.. وهناك دولا كثيرة لديها موضوعات مماثلة وقد وصلت إلى تفاهمات واتفاقيات للكل.. ونحن نريد أن نصل إلى هذا الأمر.

اتصالا بهذه النقطة.. فخامة الرئيس.. أود التوضيح أن من تتساقط لديه الأمطار لا يشعر أبدا بإحساس من ليس لديه أمطار.. فمصر لا تشهد أمطارا.. والشعب المصري لديه حذر شديد وقلق شديد من موضوع المياه.. وأقول للمصريين أنني أقدر ذلك الأمر، وأنني مسئول مع أشقائي والحكماء مثل الرئيس موسيفيني على إيجاد حل لا يؤثر أبدا على حياة المصريين.

تقابل مصر ضغوطا كثيرة في هذا الموضوع، وقد تكون المياه جزءا من حملة هذه الضغوط لتحقيق أهداف أخرى، ونحن مدركون لذلك. وأؤكد مرة أخرى أننا دائما ضد التدخل في شئون الآخرين، وضد التآمر على الآخرين، وضد الهدم والتدمير. فنحن مع البناء، والتعاون، والتنمية، حيث أن بلداننا في أفريقيا قد كفاها سنوات طويلة من الاقتتال والصراع.

أطمئن المصريين مرة أخرى.. إن شاء الله في هذا الأمر.. فلن نسمح أبدا أن يتم المساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين، و10 ملايين تقريبا من الضيوف.. فلا نسميهم باللاجئين.

هنا، أؤكد وأكرر أن وعي المصريين وصلابتهم.. تعد الركيزة الأساسية التي أعول عليها في مجابهة أي تحدي أو أي تهديد محتمل.

وفي النهاية، أشكركم، وأشكر فخامة الرئيس مرة أخرى، وأرحب به في بلده مصر، وشكرا.

اقرا ايضا: قرار جمهوري بمد خدمة الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس

تابعنا على واتسابتابعنا علي
واتس اب
تابعنا على يوتيوبتابعنا علي
يوتيوب
تابعنا على فيسبوكتابعنا علي
فيسبوك
تابعنا على أخبار جوجلتابعنا علي
جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights